للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ تعالى خَلَقَ الأمْوالَ للآدَمِيِّينَ، ليَسْتَعِينُوا بها على القِيامِ بوَظائِفِ التَّكالِيفِ، وأداءِ (١٠) العِباداتِ، قال اللَّهُ تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا} (١١). والعَبْدُ داخلٌ فى العُمُومِ، ومن أهْلِ التَّكْلِيفِ والعباداتِ، فيكونُ أهْلًا للمِلْكِ، ولذلك مَلَكَ فى النِّكاحِ، واذا ثَبَتَ المِلْكُ للْجَنِينِ، مع كَوْنِه نُطْفةً لا حَياةَ فيها، باعْتِبارِ مَآلِه إلى الآدَمِيَّةِ، فالعَبْدُ الذى هو آدَمِىٌّ مُكَلّفٌ أَوْلَى. إذا ثَبَتَ هذا، فلا يَجُوزُ له التَّسَرِّى إلَّا بإذْنِ سَيِّده، ولو مَلَّكَه سَيِّدُه جارِيةً، لم يُبَحْ له وَطْؤُها حتى يَأْذَنَ [له فيه] (١٢)؛ لأنَّ مِلْكَه ناقِصٌ، ولِسَيِّده نَزْعُه منه متى شاء من غيرِ فَسْخِ عَقْدٍ، فلم يكُنْ له التَّصَرُّفُ فيه إلَّا بإذْنِ سَيِّده. فإن أَذِنَ له فقال: تَسَرَّاها (١٣). أو: أذِنْتُ لك فى وَطْئِها. أو ما دَلَّ عليه، أُبِيحَ له، وما وُلِدَ له من التَّسَرِّى فحُكْمُه حكمُ مِلْكِه؛ لأنَّ الجارِيةَ مَمْلُوكةٌ له، فكذلك وَلَدُها. وإن تَسَرَّى بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، فالوَلَدُ مِلْكٌ لسَيِّدِه (١٤).

فصل: وله التَّسَرِّى بما شاء، إذا أَذِنَ له السِّيِّدُ فى ذلك. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ مَن جازَ له التَّسَرِّى، جاز [له بغيرِ] (١٥) حَصْرٍ كالحُرِّ. فإن أَذِنَ له وأطْلَقَ، فله (١٦) التَّسَرِّى (١٧) بواحِدَةٍ. وكذلك إذا أَذِنَ له فى التَّزْويجِ، لم يَجُزْ أن يتزَوّجَ أكثرَ من واحدةٍ. وبهذا قال أصحابُ الرَّأْى. [وقال أبو ثَوْرٍ: إذا] (١٨) أَذِن له فى التَّزْويجِ، فعَقَدَ على اثْنتَيْنِ فى عَقْدٍ، جاز. ولَنا، أَنَّ الإِذْنَ المُطْلَقَ يتناوَلُ أقَلَّ ما يَقَعُ عليه الاسمُ يَقِينًا، وما زاد


(١٠) فى ب: "وقضاء".
(١١) سورة البقرة ٢٩.
(١٢) سقط من: ب.
(١٣) فى م: "تسر بها".
(١٤) فى ب، م: "سيده".
(١٥) فى م: "من غير".
(١٦) سقط من: م.
(١٧) فى م زيادة: "تسرى".
(١٨) فى م: "وأبو ثور وإذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>