للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَرْعَى وَاحِدٌ، وهو الذى تَرْعَى فيه الماشِيَةُ، يقال: سَرَحَتِ الغَنَمُ، إذا مَضَتْ إلى المَرْعَى، وسَرَحْتُها، أى بالتَّخْفِيفِ والتَّثْقِيلِ، ومنه قولُه تعالى: {وَحِينَ تَسْرَحُونَ}. والمَحْلَبُ: المَوْضِعُ الذى تُحْلَبُ فيه الماشِيَةُ، يُشْتَرَطُ أن يكونَ واحِدًا، ولا يُفْرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ منهما (١٢) لِحَلْبِ مَاشِيَتِه مَوْضِعًا، وليس المُرَادُ منه خَلْطَ اللَّبَنِ فى إناءٍ واحِدٍ؛ لأنَّ هذا ليس بمَرْفَقٍ، بل مَشَقَّةٌ، لما فيه من الحاجَةِ إلى قَسْمِ (١٣) اللَّبَنِ. ومَعْنَى كَوْن الفَحْلِ وَاحِدًا، أن لا تكونَ فُحُولَةُ أحدِ المَالَيْنِ لا تطرُقُ غيرَه. وكذلك الرَّاعِى، هو أن لا يكونَ لِكُلِّ مَالٍ رَاعٍ، يَنْفَرِدُ بِرِعَايَتِه دُونَ الآخَرِ. ويُشْتَرَطُ أن يكونَ المُخْتلِطان (١٤) من أهْلِ الزكاةِ، فإن كان أحَدُهما ذِمِّيًّا أو مُكَاتَبًا لم يُعْتَدّ بِخُلْطَتِه، ولا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الخُلْطَةِ. وحُكِىَ عن القاضى، أنَّه اشْتَرَطَها. ولَنا، قَوْلُه عليه السَّلَامُ: "والخَلِيطَانِ ما اجْتَمَعَا فى الحَوْضِ والرَّاعِى والفَحْلِ". ولأنَّ النِّيَّةَ لا تُؤثِّرُ فى الخُلْطَةِ، فلا تُؤثِّرُ فى حُكْمِها، ولأنَّ المَقْصُودَ بالخُلْطَةِ من الارْتِفَاقِ يَحْصُلُ بِدُونِها، فلم يُعْتَبَرْ (١٥) وُجُودُها معه، كما لا تُعْتَبَرُ (١٦) نِيَّةُ السَّوْمِ فى الإسامةِ، ولا نِيَّةُ السَّقْىِ فى الزَّرْعِ (١٧) والثِّمَارِ، ولا نِيَّةُ مُضِىِّ الحَوْلِ فيما يُشْتَرَطُ الحَوْلُ فيه.

فصل: فإن كان بعضُ مَالِ الرَّجُلِ مُخْتَلِطًا، وبعضُه مُنْفَرِدًا، أو مُخْتَلِطًا مع مالٍ لِرَجُلٍ آخَرَ، فقال أصْحابُنا: يَصِيرُ مالُه كُلُّه كالمُخْتَلِطِ، بِشَرْطِ أن يكونَ مالُ الخُلْطَةِ نِصَابًا، فإن كان دُونَ النِّصَابِ لم يَثْبُتْ حُكْمُها، فلو كان لِرَجُلٍ سِتُّونَ شَاةً، منها عِشْرُونَ مُخْتَلِطَةٌ مع عِشْرِينَ لِرَجُلٍ آخَرَ، وَجَبَ عليهما شَاةٌ


(١٢) فى الأصل: "منهم".
(١٣) فى ا، م: "قسمة".
(١٤) فى ا، م: "الخليطان".
(١٥) فى ا، م: "يتغير".
(١٦) فى ا، م: "تتغير".
(١٧) فى ب: "الزروع".

<<  <  ج: ص:  >  >>