للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخَالَفَةِ النَّصِّ غيرُ مَسْمُوعٍ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّ خُلْطَةَ الأوْصافِ يُعْتَبَرُ فيها اشْتِرَاكُهم فى خَمْسَةِ أوْصَافٍ: المَسْرَحُ، والمَبِيتُ، والمَحْلَبُ، والمَشْرَبُ، والفَحْلُ. قال أحمدُ: الخَلِيطانِ أن يكونَ رَاعِيهما وَاحِدًا، ومرَاحُهُما وَاحِدًا، وشِرْبُهُما وَاحِدًا. وقد ذَكَرَ أحمدُ فى كَلَامِه شَرْطًا سَادِسًا، وهو الرَّاعِى. قال الخِرَقِىُّ: "وكان مَرْعَاهم ومَسْرَحُهم وَاحِدًا". فيَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ بالمَرْعَى الرَّاعِى، لِيكونَ مُوافِقًا لِقَوْلِ أحمدَ، ولِكَوْنِ المَرْعَى هو المَسْرَحُ. قال ابْنُ حَامِدٍ: المَرْعَى (٧) والمَسْرَحُ شَرْطٌ وَاحِدٌ، وإنَّما ذَكَرَ أحمدُ المَسْرَحَ لِيكونَ فيه رَاعٍ واحِدٌ، والأصْلُ فى هذا ما رَوَى الدَّارَقُطْنِىُّ، فى "سُنَنِهِ" (٨)، بإسْنَادِهِ عن سَعْدِ ابن أبِى وَقَّاصٍ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، ولا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، والخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِى الْحَوْضِ والفَحْلِ والرَّاعِى" ورُوِىَ "المَرْعَى" (٩). وبِنَحْوٍ من هذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال بعضُ أصْحَابِ مالِكٍ: لا يُعْتَبَرُ فى الخُلْطَةِ إلَّا شَرْطَانِ: الرَّاعِى، والمَرْعَى؛ لِقَوْلِه عليه السَّلَامُ: "لا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ، ولا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ". والاجْتِمَاعُ يَحْصُلُ بذلك، ويُسَمَّى خُلْطَةً، فاكْتُفِىَ به. ولَنا، قولُه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "والخَلِيطَانِ: ما اجْتَمَعَا فِى الْحَوْضِ والرَّاعِى والفَحْلِ". فإن قِيلَ: فلم اعْتَبَرْتُمْ زِيَادَةً على هذا؟ قلنا: هذا تَنْبِيهٌ على بَقِيَّة الشَّرائِط، وإلْغاءٌ لما ذَكَرُوهُ، ولأن لِكُلِّ وَاحِدٍ من هذه الأوْصافِ (١٠) تَأْثِيرًا. فاعْتُبِرَ كالمَرْعَى. إذا ثَبَتَ هذا فالمَبِيتُ مَعْرُوفٌ، وهو المَرَاحُ الذى تَرُوحُ إليه الماشِيَةُ، قال اللَّه تعالى: {حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (١١). والمَسْرَحُ


(٧) فى ا، ب، م: "الراعى".
(٨) فى: باب تفسير الخليطين. . .، من كتاب الزَّكَاة. سنن الدارقطنى ٢/ ١٠٤.
(٩) فى الأصل، ب: "الرعى".
(١٠) فى الأصل: "الأصناف".
(١١) سورة النحل ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>