للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ". مُتَّفَقٌ عليه (٨). وقال: "الأيِّمُ أحَقُّ بنَفْسِها مِنْ وَلِيِّهَا" (٨). ورَوَى ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "لَيْسَ لِلْوَلِىِّ مَعَ الثَّيِّبِ أمْرٌ". رَواهما النَّسَائِىُّ وأبو دَاودَ (٩). ولأنَّها رَشِيدةٌ عالمةٌ بالمَقْصودِ من النِّكاحِ مُخْتَبرةٌ، فلم يَجُزْ إجْبارُها عليه، كالرَّجُلِ. القسم الثانى، الثَّيِّبُ الصغيرةُ، [وفى تزْوِيجِها] (١٠) وَجْهان؛ أحدهما، لا يجوزُ تَزْوِيجُها، وهو ظاهرُ قولِ الْخِرَقِىِّ. واخْتِيارُ (١١) ابن حامدِ، وابنِ بَطَّةَ، والقاضى، ومَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لعُمُومِ الأخْبارِ، ولأنَّ الإجْبارَ يَخْتَلِفُ بالبَكارَةِ والثُّيُوبةِ، لا بالصِّغَرِ والكِبَرِ، وهذه ثَيِّبٌ، ولأنَّ فى تَأْخِيرِها فائِدَةً، وهو أن تَبْلُغَ فتَخْتارَ لِنَفْسِها ويُعْتَبَرَ إذْنُها، فوَجَبَ التَّأْخيرُ، بخِلافِ البِكْرِ. الوَجْه الثانى، أن لأَبِيها تَزْوِيجَها، ولا يَسْتَأْمِرُها. اختاره أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ. وهو قولُ مالكٍ، وأبى حنيفةَ؛ لأنَّها صغيرةٌ، فجاز إجْبارُها كالبِكْرِ والغُلامِ. يُحَقِّقُ ذلك أنَّها لا تَزِيدُ بالثُّيُوبةِ على ما حصل للغُلامِ بالذُّكُورِيَّةِ، ثم الغُلامُ يُجْبَرُ إذا (١٢) كان صغيرًا، فكذا هذه، والأخبارُ محمولةٌ على الكبيرةِ، فإنه جَعَلَها أحَقَّ بنَفْسِها (١٣) من وَلِيِّها، والصغيرةُ لا حَقَّ لها. ويتَخَرّجُ وَجْهٌ ثالثٌ، وهو أنَّ ابْنةَ تِسْعِ سِنِين (١٣) يُزَوِّجُها وَلِيُّها بإذْنِها، ومَن دُونَ ذلك، على ما ذكَرْنا من الخِلافِ؛ لما ذكرنا فى البِكْرِ. واللَّه أعلم.

١١٢٢ - مسألة؛ قال: (وَإِذْنُ الثَّيِّبِ الْكَلَامُ، وإذْنُ البِكْرِ الصُّمَاتُ)

أمَّا الثَّيِّبُ، فلا نعلمُ بين أهلِ العلمِ خِلافًا فى أنَّ إذْنَها الكلامُ؛ للخَبَرِ، ولأنَّ اللسانَ


(٨) تقدم تخريجه فى صفحة ٤٠٠.
(٩) أخرج الثانى أبو داود، فى: باب فى الثيب، من كتاب النكاح. سنن أبى داود ١/ ٤٨٤. والنسائى، فى: باب استئذان البكر فى نفسها، من كتاب النكاح. المجتبى ٦/ ٧٠.
(١٠) فى أ، ب، م: "وفيها".
(١١) فى م: "واختاره".
(١٢) فى م: "إن".
(١٣) سقط من: الأصل، أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>