للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو المُعَبِّرُ عما فى القَلْبِ، وهو المُعْتَبَرُ فى كلِّ موضعٍ يُعْتَبرُ فيه الإذْنُ، غيرَ أشياءَ يَسِيرَةٍ أُقِيمَ فيها الصَّمْتُ مُقامَه لعارِضٍ. وأمَّا البِكْرُ فإذْنُها صُماتُها، فى قولِ عامَّةِ (١) أهلِ العلمِ، منهم؛ شُرَيْحٌ، والشَّعْبىُّ، وإسْحاقُ (٢)، والنَّخَعِىُّ (٣)، والثَّوْرِىُّ، والأوْزاعىُّ، وابنُ شُبْرُمةَ، وأبو حنيفةَ. ولا فَرْقَ بين كَوْنِ الوَلِىِّ أبًا أو غيرَه. وقال أصْحابُ الشافعىِّ: فى صَمْتِها فى حَقِّ غيرِ الأبِ وَجْهانِ؛ أحدهما، لا يكونُ إذْنًا؛ [لأنَّ الصُّماتَ عَدَمُ الإِذْنِ، فلا يكونُ إذْنًا] (٤)، ولأنَّه مُحْتَمِلٌ للرِّضَى (٥) والحياءِ وغيرِهما، فلا يكونُ إذْنًا، كما فى حَقِّ الثَّيِّبِ، وإنَّما اكْتُفِىَ به فى حقِّ الأبِ؛ لأنَّ رِضاءَها غيرُ مُعْتَبَرٍ. وهذا شُذُوذٌ عن أهلِ العلمِ، وتَرْكٌ للسُّنَّةِ الصَّحيحةِ الصَّرِيحةِ، يُصانُ الشافعىُّ عن إضافَتِه إليه، وجَعْلِه مَذْهبًا له، مع كَوْنِه مِنْ أتْبَعِ النَّاسِ لِسُنَّةِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يُعَرِّجُ مُنْصِفٌ على هذا القولَ، وقد تَقَدَّمَتْ رِوايَتُنا عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "لَا تُنْكَحُ الأيِّمُ حَتَى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَى تُسْتَأْذَنَ". فقالوا (٦): يا رسولَ اللَّه، فكيف إذْنُها؟ قال: "أَنْ تَسْكُتَ" (٧). وفى روايةٍ عن عائشةَ، أنَّها قالتْ: يا رسولَ اللَّه، إنَّ البِكْرَ تَسْتَحِى. قال: "رِضَاهَا صُمَاتُها" (٨). مُتَّفَقٌ عليه (٩). وفى روايةٍ: "واليَتيمةُ تُسْتَأْمَرُ، فصَمْتُها إقْرارُها". رواه النَّسائِىُّ. وفى روايةٍ: "تُسْتَأْمَرُ الْيَتيمَةُ فِى نَفْسِهَا، فَإنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُهَا" (١٠). وهذا صريحٌ فى غير


(١) سقط من: ب، م.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) سقط من: أ.
(٤) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٥) فى أ، ب، م: "الرضى".
(٦) فى أ، ب، م: "فقال".
(٧) تقدم تخريجه فى صفحة ٤٠٠.
(٨) فى الأصل، أ، ب: "صمتها".
(٩) تقدم تخريجه فى صفحة ٤٠٥.
(١٠) تقدم تخريجه فى صفحة ٤٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>