للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَذْكورِ. وقد رُوِىَ عن عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّه آجَرَ نَفْسَه كلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وجاء النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالتَّمْرِ (٣).

فصل: ولو قال: بِعْتُكَ من هذه الصُّبْرَةِ قَفِيزًا. أو قال: عشرةَ أَقْفِزَةٍ. وهما يَعْلَمانِ أنَّها أكْثَرُ من ذلك، صَحَّ. وحُكِىَ عن داودَ، أنَّه لا يَصِحُّ؛ لأنَّه غيرُ مُشاهَدٍ، ولا مَوْصُوفٍ. ولَنا، أنَّ المَبِيعَ مُقَدَّرٌ مَعْلُومٌ من جُمْلَةٍ يَصِحُّ بَيْعُها، أشْبَهَ إذا باعَ نِصْفَها، وما ذَكَرَهُ قِياسٌ، وهو لا يَحْتَجُّ بالقِياسِ، ثم لا يَصِحُّ، فإنَّه إذا شَاهَدَ الجُمْلَةَ، فقد شَاهَدَ المَبِيعَ؛ لأنَّه بعضُها.

فصل: وإن قال: بِعْتُكَ مِن هذه الصُّبْرَةِ كلَّ قَفِيزٍ بدِرهمٍ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ "مِن" لِلتَّبْعِيضِ، و"كُلّ" لِلْعَدَدِ، فيكونُ ذلك العَدَدُ منها مَجْهُولًا. [ويحتَمِلُ أن يَصِحَّ البَيْعُ، كما يَصِحُّ فى الإِجارةِ، كلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وكلُّ شَهْرٍ بدرهمٍ] (٤). وإن قال: بِعْتُكَ هذه الصُّبْرَةَ الأُخْرَى (٥) بِعَشَرَةِ دراهمَ على أن أَزِيدَكَ قَفِيزًا، أو أنْقُصكَ قَفِيزًا. لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا يَدْرِى أَيَزِيدُهُ أم يَنْقُصُهُ. ولو قال: على أن أَزِيدَكَ قَفِيزًا. لم يَجُزْ؛ لأنَّ القَفِيزَ مَجْهُولٌ. ولو قال: أَزِيدُكَ قَفِيزًا من هذه الصُّبْرَةِ الأُخْرَى. أو وَصَفَهُ بِصِفَةٍ يُعْلَمُ بها، صَحَّ؛ لأنَّ مَعْناه، بِعْتُكَ هذه، وقَفِيزًا من هذه الأُخْرَى بِعشرةِ دراهمَ. وإن قال: علَى أن أَنْقُصكَ قَفِيزًا. لم يَصِحَّ؛ لأنَّ مَعْناه، بِعْتُكَ هذه الصُّبْرَةَ إلَّا قَفِيزًا، كلَّ قَفِيزٍ بِدِرهمٍ، وشىءٍ مَجْهُولٍ. ولو قال: بِعْتُكَ هذه الصُّبْرَةَ، كلَّ قَفِيزٍ بدرهمٍ، على أن أَزِيدَكَ قَفِيزًا من هذه الصُّبْرَةِ الأُخْرَى. لم يَصِحَّ؛ لإفْضائِه إلى جَهالَةِ الثَّمَنِ فى التَّفْصِيلِ؛ لأنَّه يَصِيرُ قَفِيزًا وشَيْئًا بدرهمٍ، والشىءُ لا يَعْرِفانِه؛ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِما بِكمِّيَةِ ما فى الصُّبْرَةِ من القُفْزَانِ.


(٣) أخرجه ابن ماجه، فى: باب الرجل يسقى كل دلو بتمرة ويشترط جلدة، من كتاب الرهون. سنن
ابن ماجه ٢/ ٨١٨.
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>