للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرِيكِه، فلا يُقَوَّمُ؛ لأَنَّه يَعْتَرِفُ أنَّه حُرٌّ، وأنَّ هذا ظَلَمَه باسْتِرْقاقِ نِصْفِه الحُرِّ. وإِنْ أمْكَنَ الرُّجوعُ على القابِضِ بالخَمْسِين، ودَفْعَها إلى المُنْكِرِ، فامْتَنَعَ مِن ذلك، فهل يَمْلِكُ المُنْكِرُ تَعْجِيزَه إسْتِرْقاقَ نِصْفِه؟ على وَجْهَيْن؛ بِناءً على القَولِ فى تَعْجيزِ العَبْدِ نَفْسَه مع القُدْرَةِ على الأَداءِ، إِنْ قُلْنا: له ذلك. فلِلمُنْكِرِ اسْتِرْقاقُه. وإِنْ قُلْنا: ليس له ذلك. فليس للمُنْكِرِ اسْتِرْقاقُه؛ لأَنَّه قادِرٌ على الأداءِ. فإن قيلَ: فلِمَ لا يَرْجِعُ المُنْكِرُ على القابِضِ بنِصْفِ ما قَبَضَه، إذا اسْتَرَقَّ نِصْفَ العبد؟ قُلْنا: لأَنَّه لو رَجَعَ عليه بها لَكان (٣٠) قابِضًا جميعَ حَقِّه من مالِ الكتابةِ، فيَعْتِقُ المُكاتَبُ بذلك، إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ قَبْضُها فى نُجومِها، فتُفْسَخَ الكتابةُ، ثم يُطالَبَ بها بعدَ ذلك، فيكونَ له الرُّجوعُ بنِصْفِها، كما لو كانت غائِبَةً فى بلدٍ آخَرَ، وتَعَذَّرَ تَسْلِيمُها حتى فُسِخَت الكتابَةُ. واللَّهُ أعلمُ.

٢٠٠٤ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا قَالَ السَّيِّدُ: كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفَيْنِ. وقَالَ الْعَبْدُ: عَلَى أَلْفٍ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ مَعَ يَمينِهِ)

قال القاضى: هذا المذهبُ. نَصَّ عليه أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى رِوايَةِ الكَوْسَجِ. وهو قَولُ الثَّوْرِىِّ، والأَوْزَاعِىِّ، وإسحاقَ. وقال أبو بكرٍ: اتَّفَقَ أحمدُ، والشافِعِىُّ، على أنَّهما يَتَحالَفانِ، ويتَرادَّانِ. وهو قولُ أبى يوسفَ، ومحمدٌ؛ لأنَّهما اخْتَلَفَا فى عِوَضِ العَقْدِ القائِمِ بينَهما، فيَتَحالَفانِ إذا لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ، كالمُتَبايِعَيْنِ. وحُكِىَ عن أحمدَ، رَضِىَ اللَّه عنه، رِوَايَةٌ ثالِثَةٌ، أَنَّ القَولَ قَولُ المُكاتَبِ. وهو قَولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه مُنْكِرٌ للأَلْفِ الزَّائِدِ، والقَوْلُ قَوْلُ (١) المُنْكِرِ، ولأنَّه مُدَّعًى (٢) عليه، فيَدْخُلُ فى عُمومِ قولِه عليه السَّلام: "وَلَكِنَّ الْيَمِينَ غلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ" (٣). ولَنا، أنَّه اخْتِلافٌ فى (٤) الكتابةِ، فالقَوْلُ قولُ السَّيِّدِ فيه (٥)، كما لو اخْتَلَفَا فى أَصْلِها، ويُفارِقُ البَيْعَ مِن وَجْهَيْن؛ أحدُهما،


(٣٠) فى م: "كان".
(١) فى م: "على".
(٢) فى الأصل: "يدعى".
(٣) تقدم تخريجه، فى: ٦/ ٥٢٥.
(٤) سقط من: ب.
(٥) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>