للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّجَرَ. فإنْ باعَ المُثْمِرَ منه، فثَمَرَتُه الظّاهِرَةُ للبائِعِ، مَتْرُوكَةٌ إلى حِينِ بُلُوغِها، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَها المُبْتاعُ. فإنْ حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى فهى لِلْمُشْتَرِى. فإنِ اخْتَلَطَتْ بثَمَرَةِ البائِعِ، ولم تَتَمَيَّزْ (٤)، كان الحُكْمُ فيها كثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ إذا اخْتَلَطَت بثَمَرَةٍ أُخْرَى، على ما مَرَّ حُكمُه.

فصل: ولا يجوزُ بَيْعُ ما المَقْصُودُ منه مَسْتُورٌ في الأرضِ، كالجَزَرِ، والفُجْلِ، والبَصَلِ، والثُّومِ حتى يُقْلَعَ، ويُشاهَدَ. وهذا قولُ الشَّافِعِيِّ، وابن المُنْذِرِ، وأصحابِ الرَّأْىِ. وأباحَهُ مالِكٌ، والأوزاعِيُّ، وإسحاقُ؛ لأنّ الحاجَةَ داعِيَةٌ إليه، فأشْبَهَ بَيْعَ ما لم يَبْدُ صلاحُه تَبَعًا لما بدا. ولَنا، أنَّه مَبِيعٌ مَجْهُولٌ، لم يَرَه، ولم يُوصَفْ له، فأشْبَهَ بَيْعَ الحَمْلِ. ولأنَّ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن بَيْعِ الغَرَرِ. رواه مُسْلِمٌ (٥). وهذا غَرَرٌ. وأمَّا بَيْعُ ما لم يَبْدُ صلاحُه، فإنّما جازَ بَيْعُه لأنَّ الظاهِرَ أنّه يَتَلاحَقُ في الصَّلاحِ، ويَتْبَعُ بَعضُه بعضًا. فإنْ كان ممّا تُقْصَدُ فُرُوعُه وأُصُولُه، كالبَصَلِ المَبِيعِ أخْضَرَ، والكُرّاثِ، والفُجْلِ، أو كان المَقْصُودُ فُرُوعَه، فالأوْلَى جوازُ بَيْعِه؛ لأنَّ المَقْصُودَ منه ظاهِرٌ، فأشْبَهَ الشَّجَرَ، والحِيطانَ التى لها أساساتٌ مَدْفُونَةٌ. ويَدْخُلُ ما لم يَظْهَرْ في البَيْعِ تَبَعًا، فلا تَضُرُّ جَهالَتُه، كالحَمْلِ في البَطْنِ، واللَّبَنِ في الضَّرْعِ مع (٦) الحَيَوانِ، وإنْ كان مُعْظَمُ المَقْصُودِ منه أُصُولَه، لم يَجُزْ بَيْعُه في الأرضِ؛ لأنّ الحُكْمَ للأغْلَبِ. فإنْ تساويا لم يَجُزْ؛ لأنَّ الأصلَ اعْتِبارُ الشَّرْطِ في الجميعِ، وإنّما سَقَطَ اعْتِبارُه فيما كان مُعْظَمُ المَقْصُودِ منه ظاهرًا تَبَعًا، ففيما عَداهُ يَبْقَى على الأصلِ.

فصل: ويَجُوزُ بَيْعُ الجَوْزِ واللَّوْزِ والبَاقِلَّا الأخْضَرِ في قِشْرَتِه مَقْطوعًا، وفي شَجَرِه، وبَيْعُ (٦) الحَبِّ المُشْتَدِّ في سُنْبُلِه، وبَيْعُ (٦) الطَّلْع قبلَ تَشَقُّقِه، مَقْطُوعًا


(٤) في الأصل: "تتميزا".
(٥) تقدم تخريجه في صفحة ٣١.
(٦) في الأصل: "ومع".

<<  <  ج: ص:  >  >>