للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفَلَسِ. فقال أحمدُ، فى رِوَايَةِ الحسنِ بن ثَوَابٍ: يكونُ مَالُه مَوْقُوفًا إلى أن يَحِلَّ دَيْنُه، فيَخْتَارَ البَائِعُ الفَسْخَ أو التَّرْكَ. وهذا قولُ بعضِ أصْحَابِ الشَّافِعِىِّ. والمَنْصُوصُ عن الشَّافِعِىِّ، أنَّه يُبَاعُ فى الدُّيُونِ الحالَّةِ. ويَتَخَرَّجُ لنا مثلُ ذلك؛ لأنَّها حُقُوقٌ حَالَّةٌ، فَقُدِّمَتْ على الدَّيْنِ المُؤَجَّلِ، كدَيْنِ مَن لم يَجِدْ عَيْنَ مَالِه. ولِلأَوَّلِ الخَبَرُ، ولأنَّ حَقَّ هذا البائِعِ تَعَلَّقَ بالعَيْنِ، فَقُدِّمَ على غيرِه، وإن كان مُؤَجَّلًا. كالمُرْتَهِنِ، والمَجْنِىِّ عليه.

فصل: قال أحمدُ، فى رَجُلٍ ابْتَاعَ طَعَامًا نَسِيئَةً، ونَظَرَ إليه وقَلَّبَهُ، وقال: أقْبِضُهُ غَدًا. فمَاتَ البَائِعُ وعليه دَيْنٌ، فالطَّعَامُ لِلْمُشْتَرِى، ويَتْبَعُه الغُرَمَاءُ فى الثَّمَنِ، وإن كان رَخِيصًا. وكذلك قال الثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ؛ لأن المِلْكَ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِى فيه بالشِّرَاءِ، وزَالَ مِلْكُ البائِعِ عنه، فلم يُشَارِكْهُ غُرَمَاءُ البائِعِ فيه، كما لو قَبَضَهُ.

الشَّرْطُ الخامس، أن يكونَ المُفْلِسُ حَيًّا. ويأتى شَرْحُ ذلك فى آخِرِ البابِ، إن شاءَ اللهُ تعالى.

فصل: ورُجُوعُ البائِعِ فى المَبِيعِ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ، لا يَحْتَاجُ إلى مَعْرِفَةِ المَبِيعِ، ولا القُدْرَةِ على تَسْلِيمِه، ولا اشْتِبَاهِ المَبِيعِ بغيرِه، فلو رَجَعَ فى المَبِيعِ الغَائِبِ بعدَ مُضِىِّ مُدَّةٍ يَتَغَيَّرُ فيها، ثم وَجَدَه على حَالِه لم يَتْلَفْ شىءٌ منه، صَحَّ رُجُوعُه. وإن رَجَعَ فى العَبْدِ بعد إبَاقِه، أو الجَمَلِ بعد شُرُودِه، أو الفَرَسِ العَائِرِ (٣١)، صَحَّ، وصَارَ ذلك له، فإن قَدَرَ عليه أخَذَهُ، وإن ذَهَبَ كان من مَالِه. وإن تَبَيَّنَ أنَّه كان تَالِفًا حين اسْتِرْجَاعُه، لم يَصِحَّ اسْتِرْجَاعُه، وكان له أن يَضْرِبَ مع الغُرَمَاءِ فى المَوْجُودِ من مَالِه. وإن رَجَعَ فى المَبِيعِ، واشْتَبَه بغيرِه، فقال البائِعُ: هذا هو المَبِيعُ. وقال المُفْلِسُ: بل هذا. فالقولُ قولُ المُفْلِسِ؛ لأنَّه مُنْكِرٌ لِاسْتِحْقَاقِ ما ادَّعَاهُ البائِعُ، والأصْلُ معه.


(٣١) عار الفرس يعير: ذهب كأنه منفلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>