للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَشْىِ فيه، فأشْبَهَ غيْرَ ذِى الشَّرَجِ.

فصل: فإنْ كان الخُفُّ مُحَرَّمًا؛ كالقَصَبِ والحَرِيرِ، لم يُسْتَبَح المَسْحُ عليه في الصَّحِيحِ مِن المذهبِ، وإنْ مَسَحَ عليه، وصَلَّى، أعَادَ الطَّهارةَ والصَّلاةَ؛ لأنَّه عَاصٍ بِلُبْسِهِ، فلم تُسْتَبَحْ به الرُّخْصَةُ، كما لا يَسْتَبِيحُ المُسَافِرُ رُخَصَ السَّفَرِ بسَفَرِ (٣) المَعْصِيَةِ. ولو سَافَرَ لِمَعْصِيَةٍ لم يَسْتَبِح المَسْحَ أكْثَرَ مِنْ يومٍ وليلةٍ؛ لأنَّ يومًا وليلةً غيرُ مُخْتَصٍّ (٤) بالسَّفَرِ، ولا هي مِنْ رُخَصِه، فأَشْبَهَ غيرَ الرُّخَصِ، بخِلَافِ ما زاد على يومٍ وليلةٍ؛ فإنَّه مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ، فلمْ يَسْتَبِحْهُ بِسَفَرِ المَعْصِيَةِ، كالقَصْرِ والجَمْعِ.

فصل: ويَجُوزُ المَسْحُ على كلِّ خُفٍّ سَاتِرٍ، يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ المَشْىِ فيه، سَوَاءٌ كان مِنْ جُلُودٍ أوْ لُبُودٍ وَمَا أشْبَههُما (٥). فإنْ كان خَشَبًا أو حَدِيدًا أو نَحْوَهُما، فقال بعضُ أصْحَابِنا: لا يَجُوزُ المَسْحُ عليها؛ لأنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ في الخِفَافِ المُتَعارَفةِ لِلْحاجةِ، ولا تَدْعُو الحاجَة إلى المَسْحِ على هذه في الغَالِبِ. وقال القاضي: قِياسُ المذهبِ جَوَازُ المَسْحِ عليها؛ لأنَّهُ خُفٌّ سَاتِرٌ يُمْكِنُ المَشْىُ فيه، أشْبَهَ الجُلُودَ.

٨٥ - مسألة؛ قال: (وكَذَلِكَ الجَوْرَبُ الصَّفِيقُ الَّذِى لَا يَسْقُطُ إذَا مَشَى فِيهِ)

إنَّمَا يَجُوزُ المَسْحُ على الجَوْرَبِ بِالشَّرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُما في الخُفِّ، أحَدُهُما أنْ يكونَ صَفِيقًا، لا يَبْدُو منه شيءٌ مِن القَدَمِ. الثاني أنْ يُمكنَ مُتَابَعَةُ المَشْىِ فيه. هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِىِّ. قال أحمدُ في المَسْحِ على الجَوْرَبَيْنِ بِغيرِ نَعْلٍ: إذا كان يَمْشِى عليهما، ويَثْبُتَانِ في رِجْلَيْهِ، فلا بَأْسَ. وفِي مَوْضِعٍ قال: يَمْسَحُ عليهما إذا ثَبَتَا في العَقِبِ. وفي مَوْضِعٍ قال: إنْ كان يَمْشِى فيه فلا يَنْثَنِى، فلا


(٣) في م: "لسفر".
(٤) في م: "مختصة".
(٥) في م: "أشبهها".

<<  <  ج: ص:  >  >>