للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفْقَهُ، قُدِّمَ الأقْرَأُ. نَصَّ عليه لِلْخَبَرِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الأفْقَهُ أوْلَى؛ لِتَمَيُّزِهِ بما لا يُسْتَغْنَى عنه في الصَّلَاةِ. وهذا يُخَالِفُ عُمُومَ الخَبَرِ، فلا يُعَوَّلُ عليه. وإن اجْتَمَعَ فَقِيهَانِ، أحَدُهما أعْلَمُ بأحْكَامِ الصَّلَاةِ، والآخَرُ أَعْرَفُ بما سِوَاها، فالأعْلَمُ بأحْكَامِ الصلاةِ أوْلَى؛ لأنَّ عِلْمَهُ يُؤَثَّرُ في تَكْمِيلِ الصلاةِ بِخِلَافِ الآخَرِ.

٢٥٠ - مسألة؛ قال: (فإن اسْتَوَوْا فَأَسَنُّهُمْ)

يَعْنِى أكْبَرُهم سِنًّا، يُقَدَّمُ عند اسْتِوَائِهِمْ في القِرَاءَةِ والْفِقْهِ. وظَاهِرُ قَوْلِ أحمدَ، أنَّه يُقَدَّمُ أَقْدَمُهما هِجْرَةً، ثم أسَنُّهُما؛ لأنَّه ذَهَبَ إلى حَدِيثِ أبى مَسْعُودٍ، وهو مُرَتَّبٌ هكَذا. قال الخَطَّابِىُّ (١): وعلى هذا التَّرْتِيبِ تُوجَدُ أكْثَرُ أَقَاوِيل العُلَمَاءِ. ومعنى تَقْديمِ (٢) الهِجْرةِ أنْ يكونَ أحَدُهُما أسْبَقَ هِجْرَةً من دارِ الحَرْبِ إلى دَارِ الإِسْلَامِ، لأن الهِجْرَةَ قُرْبَةٌ وطَاعَةٌ، فقُدِّمَ (٣) السَّابِقُ إليها لِسَبْقِهِ إلى الطَّاعَةِ. فإذا اسْتَوَيَا فيها، إمَّا لِهِجْرَتِهِما معا، أو لعَدَمِها (٤) منهما، فأسَنُّهُم؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لمالِكِ بن الحُوَيْرِثِ وصاحِبِهِ: "ليَؤُمَّكُما أكْبَرُكُما". مُتَّفَقٌ عليه (٥). ولأنَّ السِّنَّ (٦) أَحَقُّ بالتَّوْقِيرِ والتَّقْدِيِم. وكذلك قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لعَبدِ الرحمنِ بن سَهْلٍ، لمَّا تَكَلَّمَ في أخيه: "كَبِّرْ كَبِّرْ" (٧). أي دَع


(١) في معالم السنن ١/ ١٦٨.
(٢) في أ، م: "تقدم".
(٣) في أ، م: "فيقدم".
(٤) في م: "عدمهما".
(٥) سبق تخريجه في ٢/ ٧٢.
(٦) في م: "الأسس".
(٧) أخرجه البخاري، في: باب الموادعة والمصالحة مع المشركين. . .، من كتاب الجزية، وفى: باب إكرام الكبير. . .، من كتاب الأدب، وفى: باب القسامة، من كتاب الديات. صحيح البخاري ٤/ ١٢٣، ٨/ ٤١، ٩/ ١١. ومسلم، في: باب القسامة، من كتاب القسامة والمحاربين. صحيح مسلم ٣/ ١٢٩١، ١٢٩٢. وأبو داود، في: باب القتل بالقسامة، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٤٨٤، ٤٨٥. والترمذي, في: باب ما جاء في القسامة، من أبواب الديات. عارضة الأحوذى =

<<  <  ج: ص:  >  >>