للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُدْوانِه. وإن اشتركَ جماعةٌ في عُدْوانٍ (١٩) تَلِفَ به شيءٌ، فالضَّمانُ عليهم. وإن وضَعَ اثنانِ حَجَرًا، وواحدٌ حجَرًا، فعَثَرَ بهما إنسانٌ، فهَلَكَ، فالدِّيَةُ على عَواقِلِهم أثْلاثًا، في قياسِ المذهبِ. وهو قولُ أبى يوسفَ؛ لأنَّ السَّببَ حَصَلَ من الثَّلاثةِ أثْلاثًا، فوَجَبَ الضَّمانُ عليهم وإن اخْتَلَفَتْ أفْعالُهم، كما لو جَرَحَه واحدٌ جُرْحَيْنِ، وجَرَحَه اثنان جُرْحَيْنِ، فمات بها (٢٠). وقال زُفَرُ: على الاثْنَيْنِ النِّصْفُ، وعلى واضعِ الحَجَرِ وحدَه النِّصْفُ؛ لأنَّ فِعْلَه مُساوٍ لفِعْلِهما. وإن حَفَرَ إنسانٌ بئرًا، ونَصَبَ آخَرُ فيها سِكِّينًا، فوقَعَ إنسانٌ في البئرِ على السِّكِّينِ، فمات، فقال ابنُ حامدٍ: الضَّمانُ على الحافرِ، لأنَّه بمَنْزِلةِ الدَّافعِ. وهذا قياسُ المسائلِ التي قبلها. وَنَصَّ أحمدُ، رَحِمه اللهُ، على أنَّ الضَّمانَ عليهما. قال أبو بكرٍ: لأنَّهما في مَعْنَى المُمْسِكِ والقاتلِ، الحافرُ كالمُمْسِكِ، وناصبُ السِّكِّينِ كالقاتلِ، فيُخَرَّجُ مِن هذا أنْ يَجِبَ الضَّمانُ على جميعِ المُتَسَبِّبينَ في المسائلِ السَّابقةِ.

فصل: وإن حَفَرَ بئرًا في مِلْكِ نفسِه، أو في ملكِ غيرِه بإذْنِه (٢١)، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه غيرُ مُتَعَدٍّ بحَفْرِها (٢٢). وإن حَفَرها في مَواتٍ، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّه غيرُ مُتَعَدٍّ بحَفْرِها. وكذلك إن وضَعَ حَجَرًا، أو نَصَبَ شَرَكًا، أو شَبَكةً، أو مِنْجَلًا، ليَصِيدَ بها. وإن فَعَلَ شيئًا من ذلك في طريقٍ ضَيِّقٍ، فعليه ضَمانُ ما (٢٣) هَلَكَ به؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ. وسواءٌ أَذِنَ له الإِمامُ فيه، أو لم يَأْذَنْ، فإنَّه ليس للإِمامِ الإِذْنُ فيما يَضُرُّ بالمسلمينَ، ولو فَعَلَ ذلك الإِمامُ لَضَمِنَ ما تَلِفَ به؛ لتَعَدِّيه. وإن كان الطريقُ واسِعًا، فحَفَرَ في مكانٍ


(١٩) في ب زيادة: "شيء".
(٢٠) في م: "بهما".
(٢١) في ب زيادة: "صح".
(٢٢) سقط من: الأصل، ب.
(٢٣) في م: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>