للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولا يجوزُ شِرَاءُ شىءٍ من الأرْضِ المَوْقُوفَةِ ولا بَيْعُهُ، في قَوْلِ أكْثَرِ أهْلِ العِلْم؛ منهم عمرُ، وعليٌّ، وابنُ عَبَّاسٍ، وعبدُ اللهِ بنُ عمرو (٤٢)، رَصِىَ اللَّه عنهم. ورُوِىَ ذلك عن عبدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ (٤٣)، وقَبِيصَةَ بنِ ذُؤَيبٍ، ومُسْلِمِ بن مِشْكَم (٤٤)، ومَيْمُونِ بن مِهْرَانَ، والأوْزَاعِيِّ، ومالِكٍ، وأبي إسحاقَ الفَزَارِيِّ (٤٥). وقال الأوْزَاعِيُّ: لم يَزَلْ أَئِمَّةُ المُسْلِمِينَ يَنْهَوْنَ عن شِراءِ أرْضِ الجِزْيَةِ، ويَكْرَهُه عُلَمَاؤُهم. وقال الأوْزَاعِيُّ: أجْمَعَ رَأْىُ عمرَ، وأَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ-، لمَّا ظَهَرُوا على الشَّامِ، على إقْرَارِ أهْلِ القُرَى في قُرَاهم، على ما كان بِأيْدِيهِم من أرْضِهم، يَعْمُرُونَها، ويُؤَدُّونَ خَرَاجَها إلى المُسْلِمِينَ، ويَرَوْنَ أنَّه لا يَصْلُحُ لأحَدٍ من المُسْلِمِينَ شِرَاءُ ما في أيْدِيهِم من الأرْضِ طَوْعًا ولا كَرْهًا. وكَرِهُوا ذلك بما كان من اتِّفَاقِ عمرَ وأصْحَابِه في الأرَضِينَ (٤٦) المَحْبُوسَةِ على آخرِ هذه الأُمَّةِ من المُسْلِمِينَ، لا تُبَاعُ ولا تُورثُ، قُوَّةً على جهادِ مَن لم تظْهَرْ عليه بعدُ من المُشْرِكِين. وقال الثَّوْرِيُّ: إذا أقَرَّ الإِمامُ أهْلَ العَنْوَةِ في أرْضِهم، تَوَارثُوها وتَبَايَعُوهَا. وَرُوِىَ نَحْوُ هذا عن ابْنِ سِيرِينَ، والقُرْطُبِيِّ؛ لما رَوَى عبدُ الرحمنِ بن يَزِيدَ، أنَّ ابْنَ مَسعودٍ اشْتَرَى مِن دِهْقانَ أرْضًا، على أن يَكْفِيَهُ جِزْيَتَها (٤٧). وَرُوِىَ


(٤٢) في أ، م: "عمر".
(٤٣) عبد اللَّه بن مغفل بن عبد غنم المزني، من أصحاب الشجرة، وأحد العشرة الذين بعثهم عمر إلى البصرة يفقهون الناس، وتوفى بها سنة تسع وخمسين. أسد الغابة ٣/ ٣٩٨، ٣٩٩.
(٤٤) في أ، م: "مسلم" تحريف.
وهو مسلم بن مشكم الخزاعى الدمشقى، كاتب أبي الدرداء، تابعى ثقة. تهذيب التهذيب ١٠/ ١٣٨، ١٣٩.
(٤٥) إبراهيم بن محمد بن الحارث، الإِمام الثقة المأمون، توفى سنة خمس وثمانين ومائة. تهذيب التهذيب ١/ ١٥١ - ١٥٣.
(٤٦) في أ، م: "الأرض".
(٤٧) الأموال، لأبي عبيد ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>