للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرادُ بقولِ الْخِرَقِيِّ التَّرْقُوتان مَعًا، وَإنَّما اكْتَفَى بلَفْظِ الواحدِ لإِدْخالِ (٢) الألف واللَّام المُقْتَضِيَةِ للاسْتِغْراقِ، فيكونُ في كُلِّ تَرْقُوَةٍ بعيرٌ. وهذا قولُ عمرَ بنِ الخطَّابِ (٣). وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، ومُجاهدٌ، وعبدُ الملكِ بنُ مَرْوان، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، وقَتادةُ، وإسْحاقُ. وهو قولٌ للشّافعيِّ، والمشهورُ من قولَيْه (٤) عندَ أصحابِه، أنَّ في كُلِّ واحدٍ ممَّا ذكرْنا حكومةً، وهو قَوْلُ مَسْروقٍ، وأبي حنيفةَ، ومالكٍ، وابنِ المُنْذِر؛ لأنَّه عَظْمٌ باطنٌ، لا يخْتَصُّ بجمالٍ ومَنْفعةٍ، فلم يجبْ فيه (٥) أرْشٌ مُقدَّرٌ، كسائرِ أعْضاءِ البدنِ، ولأنَّ التَّقْديرَ إنَّما يكونُ بتَوْقيفٍ أو قياسٍ صَحيحٍ، وليس في هذا تَوْقيفٌ ولا قياسٌ. ورُوى عن الشَّعْبِيِّ، أنَّ في التَّرْقُوَةِ أربعينَ دينارًا، وقال عمرو بن شُعَيْبٍ: في التَّرْقُوَتَيْنِ الدِّيَةُ، وفي [إحْداهما نصفُها] (٦)؛ لأنَّهما عُضْوان فيهما جَمالٌ ومَنْفعةٌ، وليس في البدنِ غيرُهما من جِنْسِهما، فكمَلَتْ فِيهما الدِّيَةُ، كاليَدَيْنِ. ولَنا، قولُ عمرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، وزيد بن ثابت. وما ذكرُوه ينْتَقِضُ بالهاشِمَةِ؛ فإنها كَسْرُ عظامٍ باطنةٍ، وفيها مُقَدَّرٌ. ولا يصحُّ قولُهم: إنَّها لا تخْتَصُّ بجَمالٍ ومَنْفعةٍ. فإنَّ جمالَ هذه العظامِ ونَفْعِها لا يُوجَدُ في غيرِها، ولا مُشاركَ لها فيه. وأمَّا قولُ عمرو بنِ شُعَيْبٍ، فمخالِفٌ للإجْماعِ، فإنَّنا لا نعلمُ أحدًا قبلَه ولا بعدَه وَافقَه فيه.

١٥١٢ - مسألة؛ قال: (وَفِي الزَّنْدِ أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ؛ لأنَّهُ عَظْمَانِ)

قال القاضِي: يعني بِه الزَّنْديْنِ فيهما أربعةُ أبْعِرَةٍ؛ لأنَّ فيهما أربعةَ عِظامٍ، فَفي كُلِّ


(٢) سقط من: م.
(٣) أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في الترقوة والضلع، من كتاب الديات. السنن الكبرى ٨/ ٩٩. وعبد الرزاق، في: باب الترقوة، من كتاب العقول. المصنف ٩/ ٣٦٢.
(٤) في الأصل: "قوله".
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) في م: "أحديهما نصف".

<<  <  ج: ص:  >  >>