للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِرَاءُ المالِكِ لها؟ على وَجْهَيْنِ، وهكذا الحُكْمُ إذا انْفَسَخَتِ المُسَاقاةُ (٦٧) بِمَوْتِ العامِلِ، لِقَوْلِنا بِجَوَازِها وأَبَى الوارِثُ العَمَلَ. وإن اخْتَارَ رَبُّ المالَ البَقَاءَ على المُسَاقاةِ، لم تَنْفَسِخْ إذا قُلْنا بِلُزُومِها، ويَسْتَأْذِنُ الحاكِمَ في الإِنْفَاقِ على الثّمرَةِ، وَيرْجِعُ بما أنْفَقَ، فإن عَجَزَ عن اسْتِئْذانِ الحاكِمِ، فأنْفَقَ مُحْتَسِبًا بالرُّجُوعِ، وأشْهَدَ على الإِنْفاقِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ، رَجَعَ بما أنْفَقَ. وهذا أحدُ الوَجْهَيْنِ لأصْحابِ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّه مُضْطَرٌّ. وإن أمْكَنَهُ اسْتِئْذانُ الحاكِمِ، فأنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ من غيرِ اسْتِئْذانِه، فهل يَرْجِعُ بذلك؟ على وَجْهَيْنِ، بِنَاءً على ما إذا قَضَى دَيْنَه بغيرِ إذْنِه. وإن تَبَرَّعَ بالإِنْفاقِ، لم يَرْجِعْ بشيءٍ، كما لو تَبَرَّعَ بالصَّدَقةِ. والحكمُ فيما إذا أنْفَقَ على الثّمرَةِ بعد فَسْخِ العَقْدِ إذا تَعَذَّرَ بَيْعُها، كالحُكْمِ ههُنا سَواء.

فصل: وإن هَرَبَ العامِلُ، فلِرَبِّ المالِ الفَسْخُ؛ لأنَّه عَقْدٌ جائِزٌ. وإن قُلْنا بِلُزُومِه، فحُكْمُه حُكْمُ ما لو ماتَ وأبَى وارِثُه أن يَقُومَ مَقَامَه، إلا أنَّه إن لم يَجِد الحاكِمُ له مالًا، وأمْكَنَه الاقْتِرَاضُ عليه من بَيْتِ المالِ أو غيرِه، فَعَلَ، وإن لم يمكنْه، ووَجَدَ من يَعْمَلُ بأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ إلى وَقْتِ إدْراكِ الثّمرَةِ، فَعَلَ، فإن لم يَجِدْ، فَلِرَبِّ المالِ الفَسْخُ. أمَّا المَيِّتُ فلا يَقْتَرِضُ عليه؛ لأنَّه لا ذِمَّةَ له.

فصل: والعامِلُ أمِينٌ، والقولُ قولُه فيما يَدَّعِيه من هَلَاكٍ، وما يُدَّعَى عليه من خِيَانةٍ؛ لأنَّ رَبَّ المالِ ائْتَمَنَهُ بِدَفْعِ (٦٨) مالِه إليه، فهو كالمُضَارِبِ، فإن اتُّهِمَ، حَلَفَ، فإن ثَبَتَتْ خِيَانَتُه بإقْرارٍ أو بِبَيِّنَةٍ أو نُكُولِه، ضُمَّ إليه مَنْ يُشْرِفُ عليه، فإن لم يُمْكِنْ حِفْظُه، اسْتُؤْجِرَ من ما لِه مَن يَعْمَلُ عَمَلَهُ. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال أصْحابُ مالِكٍ: لا يُقَامُ غيرُه مُقَامَه، بل يُحَفْظُ منه؛ لأنَّ فِسْقَهُ لا يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ المنَافِعِ المَقْصُودَةِ منه، فأشْبَهَ ما لو فَسَقَ بغير الخِيَانَةِ. وَلنا، أنَّه تَعَذَّرَ اسْتِيفاءُ المَنَافِعِ


(٦٧) في ب: "في المساقاة".
(٦٨) في ب: "بدفعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>