للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جازَ؛ لأنَّه لا ضَرَرَ في التَّقْدِيرِ، وقد بَيَّنَّا (٦٣) جَوَازَ ذلك في المُضَارَبةِ، والمُسَاقاةُ مثلُها. وتَنْفَسِخُ بمَوْتِ كلِّ واحدٍ منهما، وجُنُونِه. والحَجْرِ عليه لِسَفَهٍ، كقَوْلِنا في المُضَارَبةِ. فإذا ماتَ العامِلُ أو رَبُّ المالِ، انْفَسَخَتِ المُسَاقاةُ فكان الحُكْمُ فيها كما لو فَسَخَها أحَدُهما، على ما أسْلَفْنَاه. وإن قُلْنا بِلُزُومِها، لم يَنْفَسِخِ العَقْدُ، ويَقُومُ الوارِثُ (٦٤) مَقَامَ المَيِّتِ منهما؛ لأنَّه عَقْدٌ لازِمٌ، فأشْبهَ الإِجَارَةَ. ولكنْ إن كان المَيِّتُ العامِلَ، فأبَى وارِثُه القِيَامَ مَقَامَه، لم يُجْبَرْ؛ لأنَّ الوارِثَ لا يَلْزَمُه من الحُقُوقِ التي على مَوْرُوثِه (٦٥) إلَّا ما أمْكَنَ دَفْعُه من تَرِكَتِه، والعَمَلُ ليس ممَّا يُمْكِنُ ذلك فيه. فعلى هذا يَسْتَأْجِرُ الحاكِمُ من التَّرِكَةِ مَن يَعْمَلُ العَمَلَ، فإن لم تَكُنْ له تَرِكَةٌ، أو تَعَذَّرَ الاسْتِئْجارُ منها، فلِرَبِّ المالِ الفَسْخُ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ اسْتِيفاءُ المَعْقُودِ عليه، فيَثْبُتُ الفَسخُ، كما لو تَعَذَّرَ ثَمَنُ المَبِيعِ قبلَ قَبْضِه، ثم إن كانت الثّمرَةُ قد ظَهَرَتْ، بِيعَ من نَصِيبِ العامِلِ ما يَحْتاجُ إليه لأَجْرِ ما بَقِىَ من العَمَلِ، واسْتَؤْجِرَ من يَعْمَلُ ذلك. وإن احْتِيجَ إلى بَيْعِ الجَمِيعِ، بِيعَ. ثم لا يَخْلُو إمَّا أن تكونَ الثمَرَةُ قد بَدَا صَلَاحُها أو لم يَبْدُ، فإن كانتْ قد بَدَا صَلَاحُها، خُيِّرَ المالِكُ بين البَيْعِ والشِّرَاءِ، فإن اشْتَرَى نَصِيبَ العامِلِ، جازَ، وإن اخْتارَ بَيْعَ نَصِيبِه أيضًا، باعَهُ، وباعَ الحاكِمُ نَصِيبَ العامِلِ، وإن أبَى البَيْعَ والشِّرَاءَ، باعَ الحاكِمُ نَصِيبَ العامِلِ وحدَه، وما بَقِىَ على العامِلِ من العَمَلِ يُكْتَرَى عليه مَن يَعْمَلُه، وما فَضَلَ لِوَرَثَتِه، وإن كان لم يَبْدُ صَلَاحُها، خُيِّرَ المالِكُ أيضًا، فإنْ بِيعَ لأجْنَبِىٍّ، لم يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ القَطْعِ، ولا يجوزُ بَيْعُ نَصِيبِ العامِلِ وحدَه، لأنَّه لا يُمْكِنُ (٦٦) قَطْعُه إلَّا بِقَطْعِ نَصِيبِ المالِكِ, فَيقِفُ إمكانُ قَطْعِه على قَطْعِ مِلْكِ غيرِه. وهل يجوزُ


(٦٣) في ب، م: "تبينا".
(٦٤) في ب: "وارث الميت".
(٦٥) في م: "مورثه".
(٦٦) في ب، م: "يمكنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>