للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشْرِكِينَ} (١٢٨). {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ} (١٢٩). والأمرُ والنَّهىُ إنَّما يَتَوَجَّهُ إلى فعلٍ مُمْكِنٍ فعلُه وتَرْكُه، وذلك فعلُ الآدمِىِّ مِن الجَرْحِ ونحوِه، أمَّا الزُّهُوقُ ففِعْلُ اللَّهِ تعالى لا يُؤمَرُ به، ولا يُنْهَى عنه، ولا سبيلَ للآدمىِّ إلَّا (١٣٠) تَعاطِى سَبَبِه، وهو شَرْطٌ فى القتلِ، فإذا وُجِدَ تَبَيَّنَّا أَنَّ الفِعْلَ المُفْضِىَ إليه كان قتلًا، ولذلك جازَ تَقْديمُ الكَفَّارةِ بعدَ الجَرْحِ، وقبلَ الزُّهُوقِ. ولو حَلَفَ لأقْتُلَنَّه، [فماتَ مِنْ جُرْحٍ كان جَرَحَه، لم يَبَرَّ. ولو حَلَفَ لا يَقتُلُه] (١٣١)، لم يَحْنَثْ بذلك أيضًا. ويَحتمِلُ أَنْ لا يَبَرَّ حتى يُوجَدَ السَّببُ والزُّهُوقُ معًا فى يومٍ (١٣٢)؛ لأنَّ القتلَ لا يَتِمُّ إلَّا بسَببِه وشَرْطِه (١٣٣)، فأمَّا بنِسْبتِه إلى الشَّرْطِ وحدَه دُونَ السَّببِ، فبعيدٌ.

فصل: إذا قال: مَن بَشَّرَتْنِى بِقُدُومِ أخِى، فهى طالِقٌ، فَبَشَّرَتْه إحْداهُنَّ، وهى صادقةٌ، طَلُقَتْ، وإن كانت كاذبةً، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّ التَّبْشِيرَ خَبَرُ صِدْقٍ، يَحصُلُ به ما يُغَيِّرُ الْبَشَرَةَ مِن سُرورٍ أو غَمٍّ. وإن أخْبرَتْه به أُخْرَى، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّ السُّرورَ إنَّما يَحْصُلُ بالخَبَرِ الأوَّلِ، فإن كانتِ الأُولَى كاذبةً، والثَّانيةُ صادقةً، طَلُقَتِ الثَّانيةُ؛ لأنَّ السُّرورَ إنَّما يَحْصُلُ بخبرِها، فكان هو البِشَارَةَ. وإن بَشَّرَهَ بذلك اثْنتانِ، أو ثلاثٌ، أو الأربعُ (١٣٤) فى دَفْعَةٍ واحدةٍ، طَلُقْنَ كلُّهنَّ؛ لأنَّ "مَنْ" تَقَعُ على الواحدِ فما زادَ، قال اللَّهُ تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (١٣٥). وقال: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} (١٣٦).


(١٢٨) سورة التوبة ٥.
(١٢٩) سورة الإسراء ٣١.
(١٣٠) فى ب، م زيادة: "إلى".
(١٣١) سقط من: ب.
(١٣٢) فى الأصل زيادة: "الجمعة".
(١٣٣) فى م: "وشرط".
(١٣٤) فى أ: "أربع".
(١٣٥) سورة الزلزلة ٧، ٨.
(١٣٦) سورة الأحزاب ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>