للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُطالَبةُ بها في كلِّ الأوقاتِ، فلذلك رَخَّصَ لها في أخْذِها بغيرِ إذْنِ مَنْ هي عليه. وذكر القاضي بينَها وبين (٧) الدَّيْنِ فَرْقًا آخرَ، وهو أنَّ نَفَقةَ الزَّوجةِ تَسْقُطُ بفَواتِ وَقْتِها عندَ بعضِ أهلِ العلمِ، ما لم يكُن الحاكمُ (٨) فَرَضَها لها، فلو لم تأْخُذْ حَقَّها، أفْضَى إلى سُقُوطِها، والإِضْرارِ بها، بخلافِ الدَّيْنِ، فإنَّه لا يَسْقُطُ عندَ أحدٍ بتَرْكِ المُطالبةِ به (٩)، فلا يُؤَدِّى تَرْكُ الأخْذِ إلى الإِسْقاطِ.

فصل: ويجبُ عليه دَفْعُ نَفَقتِها إليها في صَدْرِ نهارِ كلِّ يومٍ إذا طَلَعتِ الشمسُ، لأنَّه أَوَّلُ وقتِ الحاجةِ، فإن اتَّفَقَا على تأْخِيرِها جاز؛ لأنَّ الحقَّ لها، فإذا رَضِيَتْ بتأخِيرِه جاز، كالدَّيْنِ. وإن اتّفَقَا على تَعْجِيلِ نَفَقةِ عامٍ أو شهرٍ، أو أقَلَّ من ذلك أو أكثرَ، أو تَأخِيرِه، جاز؛ لأنَّ الحقَّ لهما، لا يَخْرُجُ عنهما، فجاز من تَعْجيلِه وتأخيرِه ما اتَّفَقا عليه، كالدَّيْنِ. وليس بين أهلِ العلمِ في هذا خلافٌ عَلِمْناه. فإن سَلَّمَ إليها نَفَقةَ يومٍ، ثم ماتَتْ فيه، لم يَرْجِعْ عليها بها (١٠)؛ لأنَّه دَفَعَ إليها ما وَجَبَ عليه دَفْعُه إليها، وإن أبانَها بعدَ وُجُوبِ الدَّفْعِ إليها، لم تَسْقُطْ نَفَقَتُها فيه، ولها مُطالَبَتُه بها؛ لأنَّها قد وَجَبَتْ، فلم تَسْقُطْ بالطلاقِ، كالدَّيْنِ. وإن عَجَّلَ لها نفقَةَ شهرٍ أو عامٍ، ثم طَلَّقها، أو ماتتْ قبلَ انْقِضائِه، أو بانَتْ بفَسْخٍ أو إسلامِ أحدِهما أو رِدَّتِه، فله أن يَسْتَرْجعَ نفقةَ سائرِ الشَّهْرِ. وبه قال الشافعيُّ، ومحمدُ بن الحسنِ. وقال أبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ: لا يَسْتَرْجِعُها؛ لأنَّها صِلَةٌ، فإذا قَبَضَتْها، لم يكُنْ له الرُّجوعُ فيها، كصَدَقةِ التَّطَوُّعِ. ولَنا، أنَّه سَلَّمَ إليها النفقةَ سَلَفًا عمَّا يجبُ في الثاني، فإذا وُجِدَ ما يَمْنَعُ الوُجُوبَ، ثَبَتَ الرُّجوعُ، كما لو أسْلَفَها (١١) إيَّاها فنَشَزَتْ، أو عَجَّلَ الزَّكاةَ إلى السَّاعِى فَتلِفَ مالُه قبلَ


(٧) سقط من: ب.
(٨) سقط من: أ، ب، م.
(٩) سقط من: م.
(١٠) في أ: "به".
(١١) في ب: "استلفها".

<<  <  ج: ص:  >  >>