للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخْراجِها عن مَنْزِلِه فأخْرَجَها لغيرِ حاجةٍ، وذلك لأنَّ النَّوْمَ عليها، وَتَرْكَ قُفْلَيْنِ عليها، وزِيادةَ الاحْتِفاظِ بها، يُنَبِّهُ اللَّصَّ عليها، ويَحُثُّه على الْجِدِّ فى سَرِقَتِها، والاحْتِيالِ لأخْذِها. ولَنا، أَنَّ ذلك أحْرَزُ لها، فلا يَضْمَنُ بفِعْلِه، كما لو أَمَرَه بتَرْكِها فى صَحْنِ الدارِ، فتَرَكها فى البيتِ، وبهذا يَنْتَقِضُ ما ذكَرُوه.

فصل: إذا قال: اجْعَلْها فى هذا البيتِ، ولا تُدْخِلهُ أحدًا. فأدْخَلَ إليه قَوْمًا، فسَرَقها أحَدُهم، ضَمِنَها؛ لأنَّها ذَهَبَتْ بتَعَدِّيه ومُخالَفَتِه، وسَواءٌ سَرَقها حالَ إدْخالِهِم، أو بعدَه؛ لأنَّه ربَّما شاهَدَ الوَدِيعةَ فى دُخُولِه البيتَ، وعَلِمَ مَوْضِعَها، وطَرِيقَ الوصُولِ إليها. وإن سَرَقَها مَنْ لم يَدْخُل البيتَ، فقال القاضى: لا يَضْمَنُ؛ لأنَّ فِعْلَه لم يكُنْ سَبَبًا لإتْلافِها. ويَحْتَمِلُ أن يَلْزَمَه الضَّمَانُ؛ لأنَّ الداخلَ ربَّمَا دَلَّ عليها مَنْ لم يَدْخُلْ، ولأنَّها مُخالَفةٌ تُوجِبُ (٢٧) الضّمانَ، إذا كانت سَبَبًا لإتْلافِها فأوْجَبَتْه، وإن لم تكُنْ سببًا كما لو نَهاهُ عن إخْراجِها فأخْرَجَها لغيرِ حاجةٍ.

فصل: إذا قال: ضَعْ هذا الخاتَمَ فى الخِنْصِرِ. فوَضَعه فى البِنْصِرِ، لم يَضْمَنْه؛ لأنَّها أغْلَظُ وأحْفَظُ له، إلَّا أن لا يَدْخُلَ فيها، فيَضَعَه فى أُنْمُلَتِها العُلْيَا فيَضْمَنَه، أو يَنْكَسِرَ بها (٢٨) لغِلَظِها عليه، فيَضْمَنَه أيضًا؛ لأنَّ مُخالَفَتَه سَبَبٌ لِتَلَفِه.

١٠٧٠ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أوْدَعَهُ شَيْئًا، ثُمَّ سَأَلَهُ دَفْعَهُ إلَيْهِ فِى وَقْتٍ أَمْكَنَهُ ذلِك، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَلِفَ، فَهُوَ ضَامِنٌ)

لا خلافَ فى وُجوبِ رَدِّ الوَدِيعةِ على مالِكِها، إذا طَلَبها، فأمْكَنَ أداؤُها إليه بغير ضَرُورةٍ، وقد أمرَ اللَّهُ تعالى بذلك، فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ


(٢٧) فى أ، م: "فوجب".
(٢٨) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>