للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشْرُوعٍ، فلم يَكُنْ له حُرْمَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلى صاحِبِ الحَقِّ. فأمَّا إن كانت الحَجَّةُ حَجَّةَ الإسلامِ، لكنْ لم تَكْمُلْ شُرُوطُها لِعَدَمِ الاسْتِطاعَةِ، فإنَّ له مَنْعَها من الخُرُوجِ إليها والتَّلَبُّسِ بها، لأنَّها غيرُ واجِبَةٍ عليها. وإن أَحْرَمَتْ بها (٣) بغيرِ إذْنِه لم يَمْلِكْ تَحْلِيلَها؛ لأنَّ ما أحْرَمَتْ به يَقَعُ عن حَجَّةِ الإسلامِ الوَاجِبَةِ بِأصْلِ الشَّرْعِ، كالمَرِيضِ إذا تَكَلَّفَ حُضُورَ الجُمُعَةِ. ويَحْتَمِلُ أنَّ له تَحْلِيلَها؛ لأنَّه فَقَدَ شَرْطَ وُجُوبِها، فأشْبَهَتْ حَجَّةَ الأمَةِ [أو الصَّغِيرَةِ] (٤)، فإنَّها (٥) لمَّا فَقَدَتِ الحُرِّيَّةَ أو البُلُوغَ، مَلَكَ مَنْعَها، ولأنَّها ليستْ وَاجِبَةً عليها، فأشْبَهَتْ سائِرَ التَّطَوُّعِ.

فصل: وأمَّا قبلَ الإِحْرامِ، فليس لِلزَّوْجِ مَنْعُ امْرَأَتِه من المُضِىِّ إلى الحَجِّ الوَاجِبِ عليها، إذا كَمَلَتْ شُرُوطُه، وكانت مُسْتَطِيعَةً، ولها مَحْرَمٌ يَخْرُجُ معها؛ لأنَّه وَاجِبٌ، وليس له مَنْعُها من الواجِباتِ، كما ليس له مَنْعُها من الصلاةِ والصِّيامِ. وإن لم تَكْمُلْ شُرُوطُه، فله مَنْعُها من المُضِىِّ إليه والشُّرُوعِ فيه، ولأنَّها تُفَوِّتُ حَقَّه بما ليس بواجِبٍ عليها، فَمَلَكَ مَنْعَها، كمَنْعِها من صِيامِ التَّطَوُّعِ. وله مَنْعُها من الخُرُوجِ إلى الحَجِّ التَّطَوُّعِ والإحْرَامِ به، بغيرِ خِلَافٍ. قال ابْنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ مَن نَحْفَظُ (٦) قَوْلَه من أهْلِ العِلْمِ، على أنَّ لِلرَّجُلِ مَنْعَ زَوْجَتِه من الخُرُوجِ إلى الحَجِّ (٧) التَّطَوُّعِ. ولأنَّه تَطَوُّعٌ يُفَوِّتُ حَقَّ زَوْجِهَا، فكان لِزَوْجِها مَنْعُها منه، كالاعْتِكافِ. فإن أَذِنَ لها فيه، فله الرُّجُوعُ ما لم تَتَلَبَّسْ بِإحْرَامِه، فإن تَلَبَّسَتْ بالإحْرامِ، [أو أذِنَ لها] (٨)، لم يَكُنْ له الرُّجُوعُ فيه، ولا تَحْلِيلُها منه؛ لأنَّه يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، فصارَ كالوَاجِبِ الأصْلِىِّ. فإن رَجَعَ قبلَ إحْرَامِها، ثم


(٣) سقط من: أ، ب، م.
(٤) فى أ، ب، م: "والصغيرة".
(٥) فى الأصل: "فإنه".
(٦) فى الأصل: "أحفظ".
(٧) فى ب، م: "حج".
(٨) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>