للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أثْناءِ التَّكْبِيرِ رَفَعَ؛ لأنَّ مَحَلَّهُ باقٍ. فإِنْ لم يُمْكِنْهُ رَفْعُ يدَيْهِ إلى المَنْكِبَيْنِ رَفَعَهُما قَدْرَ ما يُمْكِنُه. وإنْ أمْكَنَهُ رَفْعُ إحْدَاهما دُونَ الأُخْرَى رَفَعَها؛ لقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا أَمَرْتُكُم بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (١٠). وإنْ لم يُمْكِنْه رَفْعُهما إلَّا بِالزِّيَادَةِ على المَسْنُونِ رَفَعَهما؛ لأنَّه يَأْتى بالسُّنَّةِ وَزِيَادةٍ مَغْلُوبٍ عليها. وقولُ الشافعيِّ كقولِنا في هذا الفصلِ جَمِيعِه.

فصل: وإنْ كانتْ يَداه في ثَوْبِه، رفَعَهُما بِحيثُ يُمْكِنُ؛ لِما رَوَى وائِلُ بنُ حُجْرٍ، قال: أتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الشتاءِ، فرأيْتُ أصحابَه يَرْفَعُونَ أيدِيَهم في ثيابِهِم في الصلاةِ. وفي رِوَايَةٍ، قال: ثم جئتُ في زمانٍ فيه بَرْدٌ شديدٌ فرأَيْتُ الناسَ عَليْهِم جُلُّ الثِّيَابِ، تَتَحَرَّكُ أَيْدِيهم تحتَ الثيابِ. رَوَاهُما أبو داوُد (١١). وفي رِوَايَةٍ؛ فرَأَيْتُهم يرفعون أيدِيَهم إلى صُدُورِهم (١٢).

فصل: والإِمامُ والمَأْمُومُ والمُنْفَرِدُ في هذا سواءٌ، وكذلك الفريضَةُ وَالنَّافِلَةُ، لأنَّ الأخبارَ لا تَفْرِيقَ فيها. فأمَّا المرأةُ، فذَكر القاضي فيها روَايَتَيْنِ عن أحمدَ؛ إحْدَاهما، تَرْفَعُ؛ لِمَا رَوَى الخَلَّالُ، بِإسْنَادِهِ عن أُمِّ الدَّرْدَاء (١٣)، وحَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ (١٤)، أنَّهُمَا كانَتَا تَرْفَعَانِ أيْدِيَهما. وهو قولُ طاوُس، ولأن مَنْ شُرِعَ في حَقِّهِ التَّكْبِيرُ شُرِعَ في حقِّهِ الرَّفْعُ كالرَّجُلِ، فعلى هذا ترْفَعُ قَلِيلًا. قال أحمد: رَفْعٌ دُونَ الرَّفْعِ. والثَّانِيَةُ، لا يُشْرَعُ؛ لِأنَّه في مَعْنَى التَّجَافِى، ولا يُشْرَعُ ذلك لها، بل تَجْمَعُ نَفْسَها في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ وسَائِرِ صلاتِها.


(١٠) تقدم في ١/ ٣١٥.
(١١) في: باب رفع اليدين في الصلاة، وباب افتتاح الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٦٧، ١٦٨. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٣١٨.
(١٢) في باب رفع اليدين السابق، صفحة ١٦٧.
(١٣) أم الدرداء الكبرى خيرة بنت أبى حدرد الأسلمي، صحابية من فضليات النساء وعقلائهن، ومن ذوات العبادة، توفيت في خلافة عثمان رضي اللَّه عنه. أسد الغابة ٨/ ٣٢٧، ٣٢٨.
(١٤) أم الهذيل حفصة بنت سيرين الأنصارية البصرية التابعية، توفيت سنة إحدى ومائة. تهذيب التهذيب ١٢/ ٤٠٩، ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>