للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشيخِ والشابِّ، والذَّكَرُ الكبيرُ والصغيرُ، والصحيحُ والمريضُ؛ لأنَّ ما وَجَبَ فيه القِصاصُ من الأطْرافِ لم يَخْتَلِفْ بهذه المعانى، كذلك الذكرُ. ويُؤْخَذُ كلُّ واحدٍ من المَخْتُونِ والأَغْلَفِ بصاحِبِه؛ لأنَّ الغُلْفةَ زِيادةٌ تَسْتَحِقُّ إزالَتَها، فهى كالمَعْدُومةِ. وأمَّا ذكرُ الخَصِىِّ والعِنِّينِ، فَذَكَرَ الشَّرِيفُ أنَّ غيرَهما لا يُؤْخَذُ بهما. وهو قولُ مالكٍ؛ لأنَّه لا مَنْفَعةَ فيهما، لأنَّ العِنِّينَ لا يَطَأُ ولا يُنْزِلُ، والخَصِىُّ لا يُولَدُ له ولا يُنْزِلُ، ولا يَكادُ يَقْدِرُ على الوَطْءِ، فهما كالأشَلِّ، ولأنَّ كلَّ واحدٍ منهما ناقِصٌ، فلا يُؤْخَذُ به الكامِلُ، كاليَدِ الناقصةِ بالكاملةِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يُؤْخَذُ غيرُهما بهما، في أحدِ الوَجْهَيْنِ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّهما عُضْوانِ صحيحانِ، ينْقَبِضان (٢) ويَنْبَسِطَانِ، فيُؤْخَذُ بهما غيرُهما، كذَكَرِ الفَحْلِ غيرِ العِنِّينِ، وإنَّما عَدَمُ الإِنْزالِ لذَهابِ الخُصْيَةِ، والعُنَّةُ لعِلَّةٍ في الظَّهْرِ، فلم يَمْنَعْ ذلك (٣) من القِصاصِ بهما، كأذُنِ الأصَمِّ وأنْفِ الأخْشَمِ. وقال القاضي: لا يُؤْخَذُ ذكَرُ الفَحْلِ بالخَصِىِّ؛ لتَحَقُّقِ نَقْصِه، والإِيَاسِ من بُرْئِه. وفى أخْذِه بذَكَرِ العِنِّينِ وَجْهان؛ أحدهما، يُؤْخَذُ به غيرُه؛ لأنَّه غيرُ مَأْيُوسٍ من زَوَالِ عُنَّتِه، ولذلك يُؤَجَّلُ سَنةً، بخِلافِ الخَصِىِّ (٤). والصحيحُ الأوَّلُ؛ [فإنَّه إذا] (٥) تَرَدّدَتِ الحالُ بين كَوْنِه مُساوِيًا للآخَرِ وعَدَمِه، لم يَجِبِ القِصاصُ، لأنَّ الأصْلَ عَدَمُه، فلا يجبُ بالشَّكِّ، سِيَّما وقد حَكَمْنا بانْتِفاءِ التَّساوِى، لقِيامِ الدليلِ على عُنَّتِه، وثُبُوتِ عَيْبه. ويُؤْخَذُ كلُّ واحدٍ من الخَصِىِّ والعِنِّينِ بمثلِه؛ لتَساوِيهما، كما يُؤْخَذُ العَبْدُ بالعبدِ، والذِّمِّىُّ بالذِّمِّىِّ.

فصل: ويُؤْخَذُ بعضُه ببَعْضِه (٦)، ويُعْتَبَرُ ذلك بالأجْزاءِ دُونَ المِساحةِ، فيُؤْخَذُ


(٢) في م: "ينقضان".
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) في الأصل، ب: "الخصا".
(٥) في م: "فإذا".
(٦) في ب: "ببعض".

<<  <  ج: ص:  >  >>