للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويُقْطَعُ السَّارِقُ بأسْهَلِ ما يُمْكِنُ، فيُجْلَسُ، ويُضْبَطُ لِئَلَّا يَتَحَرَّكَ فيَجْنِىَ على نفسِه، وتُشَدُّ يَدهُ بحَبْلٍ، وتُجَرُّ حتى يَبينَ مَفْصِلُ الكَفِّ من مَفْصِلِ الذِّراعِ، ثم يُوضَعُ بينهمَا سِكِّينٌ حَادٌّ، ويُدَقُّ فوقَها (١٣) بقُوَّةٍ لِيُقْطَعَ في مرَّةٍ واحِدَةٍ، أو تُوضَعُ السِّكِّينُ على المَفْصِلِ (١٤) مَدَّةَ واحدةً. وإن عُلِمَ قَطْعٌ أوْحَى من هذا، قُطِعَ به.

فصل: ويُسَنُّ تَعْلِيقُ اليَدِ في عُنُقِهِ؛ لما رَوَى فَضَالَةُ بنُ عُبَيْدٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أُتِىَ بِسَارِقٍ، فقُطِعَتْ (١٥) يَدُه، ثُمَّ أَمَرَ بها فعُلِّقَتْ في عُنُقِهِ. روَاه أبو داودَ وابنُ ماجَه (١٦). وفعلَ ذلك عَلِىٌّ، رَضِيَ اللَّه عنه، ولأنَّ فيه رَدْعًا وزَجْرًا.

فصل: ولا تُقْطَعُ في شِدَّةِ حَرٍّ ولا بَرْدٍ؛ لأنَّ الزَّمَانَ رُبَّما أعانَ على قَتْلِه، والغرضُ الزَّجْرُ دُونَ القَتْلِ. ولا تُقْطَعُ حَامِلٌ حالَ حَمْلِها، ولا بعدَ وَضْعِها حتى يَنْقَضِىَ نِفاسُها، لِئَلَّا يُفْضِىَ إلى تَلَفِها وتَلَفِ ولدِها. ولا يُقْطعُ مرِيضٌ في مَرَضِه، لِئَلَّا يأْتىَ ذلك (١٧) على نفسِه. ولو سَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُه، ثم سرقَ قبلَ انْدمالِ يده، لم يُقْطَعْ ثانيًا حتى يَنْدَمِلَ القَطْعُ الأَوَّلُ. وكذلك لو قُطِعَتْ رِجْلُه قِصَاصًا، لم تُقْطَعِ اليَدُ في السَّرِقَةِ حتى تَبْرَأَ الرِّجْلُ. فإن قِيلَ: أليس لو وجبَ عليه قِصاصٌ في اليدِ الأُخْرَى لَقُطِعَتْ قبلَ الانْدِمالِ، والمحارِبُ تُقْطَعُ يدُه ورِجْلُه دَفْعَةً واحِدَةً، وقد قُلْتُم في المريضِ الذي وَجَبَ عليه الجَلْدُ (١٨): لا يُنْتَظَرُ بُرْؤُه. فَلِمَ خَالَفْتُم ذلك ههُنا؟ قُلْنا: القِصاصُ حَقُّ آدَمِىٍّ،


(١٣) في م: "فوقهما".
(١٤) في م زيادة: "وتمدى".
(١٥) في م: "قطعت".
(١٦) أخرجه أبو داود، في: باب في تعليق يد السارق في عنقه، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٥٤. وابن ماجه، في: باب تعليق اليد في العنق، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٦٣.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في تعليق يد السارق، من أبواب السرقة. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٢٧، ٢٢٨. والنسائي، في: باب تعليق يد السارق في عنقه، من كتاب قطع السارق. المجتبى ٨/ ٨٥. والإِمام أحمد في: المسند ٦/ ١٩.
(١٧) سقط من: ب، م.
(١٨) في ب، م: "الحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>