للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ مالِه، ولم يَصِحَّ تصُرُّفُه فيه بشىءٍ من التَّصَرُّفاتِ، فإنْ أسْلَم رُدَّ إليه تَمْلِيكًا مُسْتَأنفًا. وقال أبو يوسفَ: إنَّما أحْكُمُ بمَوْتِه يومَ يَخْتَصِمونَ فى مالِه، لا يَوْمَ لحاقِه بدارِ الحرْبِ ولَنا، أنَّه حُرٌّ منْ أهْلِ التّصرُّفِ، ويَبْقَى مِلْكُه بَعْدَ إسْلامِه، فلم يُحْكَمْ بزوالِ مِلْكِه، كما لو لم يَرْتَدَّ، ويَجِبُ رَدُّ ما أُخِذَ من مالِه، أو أُتْلِفَ عليهِ، كغيرِه.

فصل: ومتى ماتَ الذِّمِّىُّ، ولا وارِثَ له، كان مالُه فَيْئًا، وكذلِكَ ما فَضَلَ من مالِه عن وارثِه، كمنْ ليس له وارثٌ إلَّا أحَدَ الزَّوْجَيْنِ، فإنَّ الفاضِلَ عن ميراثِه يكونُ فَيْئًا؛ لأنَّه مالٌ (١٠) ليس له مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ، فكان فَيْئًا، كَمالِ الميِّتِ المُسْلمِ الذى لا وارِثَ له.

فصل: فى ميراثِ الْمَجُوسِ، ومَن جَرَى مَجْراهم، ممَّنْ يَنْكِحُ ذَواتَ الْمَحارِمِ، إذا أسْلَموا وتَحاكَمُوا إلَيْنا. لا نعلمُ بَيْنَ عُلَماءِ المسلِمَينَ خِلافًا فى أنَّهم لا يَرِثونَ بِنكاحِ ذَواتِ الْمَحارِمِ، فأمَّا غيرُه من الأنْكِحَةِ، فكُلُّ نِكاحٍ اعتقدُوا صِحتَه، وأُقِرُّوا عليه بعدَ إسْلامِهم، تَوارَثوا به، سواءً وُجِدَ بِشُروطِه الْمُعْتَبرةِ فى نكاحِ المسلمين، أو لم يُوجَدْ، وما لا يُقَرُّون عليه بَعْدَ إسْلامِهم لا يتَوارثون به، والمجوسُ وغيرُهم فى هذا سواءٌ، فلو طلّقَ الكافرُ امْرَأَتَه ثلاثًا، ثمَّ نَكَحَها، ثمَّ أسْلَما، وماتَ أحدُهما، لم يُقَرَّا عليه، ولم يَتَوارَثا به. وكذلك إنْ ماتَ أحدُهما قَبْلَ إسْلامِهما، لم يَتوارَثا. فى قَوْلِ الجميعِ. وإِنْ تَزَوّجَها بغيرِ شُهودٍ، ثمَّ ماتَ أحدُهما، وَرِثَه الآخَرُ. وبهذا قالَ أبو حنيفةَ، والشّافِعىُّ، رَضِىَ اللَّه عنهما. وقال زُفَرُ، واللُّؤْلُؤِىُّ: لا يَتَوارَثانِ. وإِنْ تزوّجَ امرأةً فى عِدَّتِها، تَوارَثا، فى ظاهِرِ كلامِ (١١) أحْمدَ، رَضِىَ اللهُ عنه، فإنَّه قال: إذا أسْلَما، وقَدْ نَكَحَها فى العِدَّةِ أُقِرَّا عليه. وهذا قولُ أبى حنيفةَ. وقال القاضى: إنْ أسْلَما بعدَ انْقِضاءِ العِدَّةِ، أُقِرَّا، وإِنْ أسْلَما قَبْلَه (١٢) لم يُقَرأ. فعلى هذا إنْ ماتَ أحدُهما قبلَ انْقضاءِ العِدَّةِ، لم


(١٠) فى م: "ما".
(١١) فى م: "مذهب".
(١٢) فى م: "قبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>