للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وفي لسانِ الأخْرسِ رِوَايتانِ أيضًا، كالرِّوايتَيْنِ في اليَدِ الشَّلَّاءِ. وكذلك كلُّ عُضْوٍ ذهبَتْ مَنفَعتُه، وبَقِيَتْ صُورتُه، كالرِّجْلِ الشَّلَّاءِ، والإِصْبَعِ والذَّكرِ إذا كان (١٥) أشَلَّ، وذكَرِ الخَصِيِّ والعِنِّينِ إذا قُلنا: لا تكْمُلُ ديَتُهما. وأشْباهِ هذا، فكلُّه يُخرَّجُ على الرِّوايتَيْنِ؛ إحداهما؛ فيه ثُلْثُ دِيَتِه. والأُخْرَى، حُكومةٌ.

فصل: فأمَّا اليَدُ أو الرِّجْلُ أو الإِصْبَعُ أو السِّنُّ الزَّوائدُ، ونحوُ ذلك، فليس فيه إلَّا حُكومةٌ. وقال القاضي: هذا في مَعْنى اليَدِ الشَّلَّاءِ، فتكونُ على قِيَاسِها، يُخرَّجُ على الرِّوايتَيْنِ. والذي ذكرْنَاه أصَحُّ؛ لأنَّه لا تَقْديرَ في هذا، ولا هو في معنى المُقَدَّرِ، ولا يصِحُّ قياسُ هذا على العُضْوِ الذي ذهبَتْ مَنْفَعتُه وبَقِىَ جمالُه؛ لأنَّ هذه الزِّوائدَ لا جَمالَ فيها، إنَّما هي شَيْنٌ في الخِلْقة، وعَيْبٌ يُرَدُّ به الْمَبِيعُ، وتَنْقُصُ به القِيمةُ، فكيفَ يصِحُّ قياسُه على ما يحْصُلُ به الجمالُ؟ ثم لو حصَلَ به جَمالٌ مَّا، لكنَّه يُخالِفُ جمالَ العُضْوِ الذي يحصُلُ به تَمامُ الخِلْقةِ، ويختلفُ في نفسِه اخْتلافًا كثيرًا، فوجبَتْ فيه الحُكومةُ. ويَحْتَمِلُ أن لا يجبَ فيه شيءٌ؛ لما ذكَرْنا.

فصل: واخْتلفَتِ الرِّوايةُ في قَطْعِ الذَّكرِ بعدَ حَشَفَتِه، وقَطْعِ الكَفِّ بعدَ أصابعِه؛ فرَوى أبو طالبٍ عن أحمدَ، فيه ثُلثُ دِيَتِه، وكذلك شَحْمةُ الأُذُنِ. وعن أحمدَ في ذلك كلِّه حُكومةٌ. والصَّحيحُ في هذا، أنَّ فيه حُكومةً؛ لعَدَمِ التَّقديرِ فيه، وامْتناعِ قِيَاسِه على ما فيه تَقْديرٌ، لأنَّ الأَشلَّ (١٦) بَقِيَتْ صُورتُه، وهذا لم تَبْقَ صُورتُه، إنَّما بَقِيَ بعضُ ما فيه الدِّيَةُ، أو أصلُ ما فيه الدِّيَةُ. فأمَّا قَطْعُ الذِّراعِ بعدَ قطْعِ الكفِّ، والسَّاقِ بعدَ قطْعِ القَدَمِ، فينْبغِى أنْ تجبَ الحُكومةُ فيه، وجهًا واحدًا؛ لأنَّ إيجابَ ثُلثِ دِيَةِ اليَدِ فيه، يُفْضِي إلى أن يكونَ الواجبُ فيه معَ بَقاءِ الكَفِّ والقَدَمِ وذَهابِهما واحدًا، مع تَفاوُتِهما وعَدَمِ النَّصِّ فيهما. واللهُ أعلمُ.


(١٥) سقط من: الأصل.
(١٦) في ب: "الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>