للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجْمَاعٌ كما (٧) ذَكَرْنَاه عن الزُّهْرِيِّ وغيرِه، ونَهَى أصْحابُ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه، ورَوَوا الحديثَ وعَمِلُوا به، ولأنَّه وَقْتٌ نُهِىَ الإِمامُ عن التَّنَفُّلِ فيه، فكُرِهَ لِلْمَأْمُومِ، كسائِرِ أوْقاتِ النَّهْىِ، وكما قبلَ الصلاةِ عند أبي حنيفةَ، وكما لو كان في المُصَلَّى عند مالِكٍ. قال الأثْرَمُ: قلتُ لأحمدَ: قال سُليمانُ بنُ حَرْبٍ: إنَّما تَرَكَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- التَّطوُّعَ لأنَّه كان إمامًا. قال أحمدُ: فالذينَ رَوَوْا هذا عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَتَطَوَّعُوا. ثم قال: ابنُ عمرَ، وابنُ عَبَّاسٍ، هُمَا رَاوِيَاهُ، وأخَذَا به. يُشِيرُ واللهُ أعْلَمُ إلى أنَّ عَمَلَ رَاوِى الحَدِيثِ به تَفْسِيرٌ له، وتَفْسِيرُه يُقَدَّمُ على تَفْسِيرِ غيرِه. ولو كانت الكَراهَةُ لِلْإِمامِ كيْلا يَشْتَغِلَ عن الصلاةِ، لاخْتَصَّتْ بما قبلَ الصلاةِ، إذْ لم يَبْقَ بعدَها ما يَشْتَغِلُ به، ولأنَّه تَنَفُّلٌ في المُصَلَّى وَقْتَ صلاةِ العِيدِ فكُرِهَ، كالذى سَلَّمُوه، وقِياسُهُم مُنْتَقِضٌ لِلْإِمامِ، وقد رُوِىَ عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبِيهِ، عن جَدِّهِ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُكَبِّرُ في صَلَاةِ العِيدِ سَبْعًا وخَمْسًا، ويقولُ: "لَا صَلَاةَ قَبْلَها وَلَا بَعْدَهَا" (٨). حكَى ابنُ عَقِيلٍ أنَّ الإِمامَ ابنَ بطَّةَ رَوَاهُ بإسْنادِهِ.

فصل: قيل لأحمدَ: فإن كان رَجُلٌ يُصَلِّى صَلَاةً في ذلك الوَقْتِ؟ قال: أخَافُ أن يَقْتَدِىَ به بعضُ من يَرَاهُ. يعني لا يُصَلِّى. قال ابنُ عَقِيلٍ: وكَرِهَ أحمدُ أن يتَعَمَّدَ لِقَضَاءِ صَلَاةٍ، وقال: أخَافُ أن يَقْتَدُوا به.

فصل: وإنَّما يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ في مَوْضِعِ الصَّلَاةِ، فأمَّا في غيرِه فلا بَأْسَ به، وكذلك لو خَرَجَ منه، ثم عَادَ إليه بعد الصَّلَاةِ، فلا بَأْسَ بالتَّطَوُّعِ فيه. قال عَبْدُ اللهِ بن أحمدَ: سمعتُ أبي يقولُ: رَوَى ابنُ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُصَلِّ قبلهَا ولا


(٧) سقط من: الأصل.
(٨) أخرجه ابن ماجه بلفظ، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يصل قبلها ولا بعدها في عيد. في: باب ما جاء في الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>