للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث، إذا باعَ المُشْتَرِى بعضَ المَعِيبِ، ثم ظَهَرَ على عَيْبٍ، فله الأرْشُ، لما بَقِىَ فى يَدِه من المَبِيعِ، وفى الأرْشِ لما باعَهُ ما ذَكَرْنَا من الخِلافِ فيما إذا باعَ الجَمِيعَ، وإن أرادَ رَدَّ الباقِى بحِصَّتِه من الثَّمَنِ، فالذى ذَكَرَهُ الخِرَقِىُّ هَاهُنا أنَّ له ذلك. وقد نَصَّ عليه أحمدُ، والصَّحِيحُ أنَّه إن كان المَبِيعُ عَيْنًا واحِدَةً، أو عَيْنَيْنِ يَنْقُصُهما التَّفْرِيقُ، كمِصْرَاعَىْ (٤) بابٍ، وزَوْجَىْ خُفٍّ، أنَّه لا يَمْلِكُ الرَّدَّ؛ لما فيه من الضَّرَرِ على البائِعِ بِنَقْصِ القِيمَةِ، أو ضَرَرِ الشَّرِكَةِ، وامْتِناعِ الانْتِفاعِ بها على الكَمالِ، كإباحَةِ الوَطْءِ والاسْتِخْدامِ. وبها قال شُرَيْحٌ، والشَّعْبِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وقد ذَكَرَ أصْحابُنا فى غير هذا المَوْضِعِ، فيما إذا كان المَبِيعُ عَيْنَيْنِ يَنْقُصُهُما التَّفْرِيقُ، أنَّه لا يجوزُ رَدُّ إحْداهما دونَ الأُخْرَى؛ لما فيه من الضَّرَرِ؛ وفيما لو اشْتَرَى مَعِيبًا فَتعَيَّبَ عنده، أنَّه لا يَمْلِكُ رَدَّه، إلَّا أن يَرُدَّ أَرْشَ العَيْبِ الحادِثِ عنده، فلا يجوزُ أن يَرُدَّه فى مَسْأَلَتِنا مَعِيبًا بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ، أو نَقْصِ القِيمَةِ، بغير شَىءٍ، إلَّا أن يكونَ الخِرَقِىُّ أرادَ ما إذا دَلَّسَ البائِعُ (٥) العَيْبَ، فإنَّ ذلك عنده لا يُسْقِطُ عن المُشْتَرِى ضَمانَ ما حَدَثَ عنده من العَيْبِ، على ما ذَكَرْنا فيما مَضَى. وإن كان المَبِيعُ عَيْنَيْنِ لا يَنْقُصُهُما التَّفْرِيقُ، فباعَ إحْداهما (٦)، ثم وَجَدَ بالأُخْرَى عَيْبًا، أو عَلِمَ أنَّهما كانَتا مَعِيبَتَيْنِ، فهل له رَدُّ الباقِيَةِ فى مِلْكِه؟ يُخَرَّجُ على الرِّوَايَتَيْنِ فى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. [وقال القاضى: المَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ] (٧) سواءٌ كان المَبِيعُ عَيْنًا واحدةً أو عَيْنَيْنِ. والتَّفْصِيلُ الذى ذَكَرْنا أَوْلَى.

فصل: وإن اشْتَرى عَيْنَيْنِ، فوَجَدَ بإحداهما عَيْبًا، وكانا ممَّا لا يَنْقُصُهما


(٤) فى م: "كمشراعى".
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) فى الأصل: "أحدهما".
(٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>