أحمدَ. فإن فَاتَهُ الحَجُّ، فحُكْمُه حُكْمُ مَن فَاتَهُ بغيرِ حَصْرٍ. وقال مالِكٌ: يَخْرُجُ إلى الحِلِّ، ويَفْعَلُ ما يَفْعَلُ المُعتَمِرُ، فإن أحَبَّ أن يَسْتَنِيبَ مَنْ يُتَمِّمُ (١٦) عنه أفْعالَ الحَجِّ، جَازَ فى التَّطوُّعِ؛ لأنَّه جازَ أن يَسْتَنِيبَ فى جُمْلَتِه، فجَازَ فى بَعْضِه، ولا يجوزُ فى حَجِّ الفَرْضِ، إلَّا إن يَئِسَ من القُدْرَةِ عليه فى جَمِيعِ العُمْرِ، كما فى الحَجِّ كلِّه.
فصل: وإذا تَحَلَّلَ المُحْصَرُ مِن الحَجِّ، فزَالَ الحَصْرُ، وأمْكَنَهُ الحَجُّ، لَزِمَهُ ذلك إن كانتْ حَجَّةَ الإسلامِ، أو قُلْنَا بِوُجُوبِ القَضاءِ، أو كانتِ الحَجَّةُ وَاجِبَةً فى الجُمْلَةِ؛ لأنَّ الحَجَّ يَجِبُ على الفَوْرِ. وإن لم تَكُن الحَجَّةُ وَاجِبَةً، ولا قُلْنَا بِوُجُوبِ القَضاءِ، فلا شىءَ عليه، كمَن لم يُحْرِمْ.
فصل: وإن أُحْصِرَ فى حَجٍّ فاسِدٍ، فله التحَلُّلُ؛ لأنَّه إذا أُبِيحَ له التَّحَلُّلُ فى الحَجِّ الصَّحيحِ، فالفاسِدُ أوْلَى. فإن حَلَّ، ثم زَالَ الحَصْرُ وفى الوَقْتِ سَعَةٌ، فله أن يَقْضِىَ فى ذلك العامِ. وليس يُتَصَوَّرُ القَضاءُ فى العَامِ الذى أُفْسِدَ الحَجُّ فيه فى غيرِ هذه المَسْأَلَةِ.
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ المُحْصَرَ، إذا عَجَزَ عن الهَدْىِ، انْتَقَلَ إلى صَوْمِ عَشَرَةِ أيَّامٍ، ثم حَلَّ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، فى أحَدِ قَوْلَيْهِ. وقال مَالِكٌ، وأبو حنيفةَ: ليس له بَدَلٌ؛ لأنَّه لم يُذْكَرْ فى القُرْآنِ. ولَنا، أنَّه دَمٌ وَاجِبٌ لِلْإحْرَامِ، فكان له بَدَلٌ، كدَمِ التَّمَتُّعِ والطِّيبِ واللِّبَاسِ، وتَرْكُ النَّصِّ عليه لا يَمْنَعُ قِيَاسَه على غيرِه فى ذلك، ويَتَعَيَّنُ الانْتِقَالُ إلى صِيامِ عَشَرَةِ أيَّامٍ، كبَدَلِ هَدْىِ التَّمَتُّعِ، وليس له أن