للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإنْ دُفِنَ مِن غيرِ غُسْلٍ، أو إلى غيرِ القِبْلَةِ، نُبِشَ، وغُسِّلَ، وَوُجِّهَ، إلَّا أن يُخافَ عليه أن يَتَفَسَّخَ، فَيُتْرَكُ. وهذا قولُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ: لا يُنْبَشُ؛ لأنَّ النَّبْشَ مُثْلَةٌ، وقد نُهِىَ عنها. ولنَا، أنَّ [هذا واجبٌ فلا يسْقُطُ] (١٥) بذلك، كإخْراجِ مَا لَهُ قِيمَةٌ. وقَوْلُهم: إنَّ النَّبْشَ مُثْلَةٌ. قُلْنا: إنَّما هو مُثْلَةٌ في حَقِّ مَن [تغيَّر، وهو لا] (١٦) يُنْبَشُ.

فصل: وإن دُفِنَ قبلَ الصَّلاةِ، [فرُوِىَ عن] (١٧) أحمدَ أنَّه يُنْبَشُ، ويُصَلَّى عليه. وعنه أنَّه (١٨) إنْ صُلِّىَ على القبرِ جازَ (١٩). واخْتَارَ القاضي أنَّه يُصَلَّى على القَبْرِ ولا يُنْبَشُ. وهو مذهبُ أبى حنيفةَ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى على قبرِ المِسْكِينَة ولم يَنْبُشْهَا (٢٠). ووَجْهُ الأوَّلِ أنَّه دُفِنَ قبلَ وَاجِبٍ، فنُبِشَ، كما لو دُفِنَ مِن غيرِ غُسْلٍ، وإنَّما يُصَلَّى على القبرِ عندَ الضَّرُورَةِ. وأمَّا المِسْكِينَةُ فقد كانتْ صُلِّىَ عليها، ولم تَبْقَ الصَّلاةُ عليها وَاجِبَةً، فلم تُنْبَشْ لذلك. فأمَّا إن تَغَيَّرَ المَيِّتُ، لم يُنْبَشْ بحالٍ.

فصل: وإن دُفِنَ بِغيرِ كَفَنٍ ففيه وَجْهانِ: أحَدُهما، يُتْرَكُ؛ لأنَّ القَصْدَ بالكَفَنِ سَتْرُه، وقد حَصَلَ سَتْرُه بالتُّرَابِ. والثانى، يُنْبَشُ ويُكَفَّنُ؛ لأنَّ التَّكْفِينَ وَاجِبٌ، فأشْبَهَ الغُسْلَ. وإنْ كُفِّنَ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ، فقال القاضي: يَغْرَمُ قِيمَتَه من تَرِكَتِه، ولا يُنْبَشُ؛ لما فيه من هَتْكِ حُرْمَتِه مع إمْكَانِ دَفْعِ الضَّرَرِ بِدُونِها.


(١٥) في أ، م: "الصلاة تجب ولا تسقط".
(١٦) في م: "يقبر ولا".
(١٧) في م: "فعن".
(١٨) سقط من: الأصل.
(١٩) في الأصل: "كان جائزا".
(٢٠) تقدم تخريجه في صفحة ٤٤٤، في مصادر تخريج حديث أنه ذكر رجلا مات فقال: "فدلونى على قبره".

<<  <  ج: ص:  >  >>