للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطلاقِ وكمَلَ المُسَمَّى بالموتِ، ولم يَكْمَلْ بالطلاقِ، وأمَّا الذِّمِّيَّةُ فإنَّها مُفارِقةٌ بالموتِ، فكَمَلَ لها الصداقُ كالمُسْلِمةِ، أو كما لو سَمَّى لها، ولأن المُسْلِمةَ والذِّمِّيَّة لا يخْتلِفانِ فى الصَّداقِ فى موضعٍ، فيَجِبُ أن لا يَخْتَلِفَا ههُنا.

فصل: قوله: "مَهْرُ نِسائِها". يعنى مهرَ مثلِها من أقارِبِها. وقال مالكٌ: تُعْتبَرُ بمَنْ هى فى مثلِ جَمالِها (٤) ومالِها وشَرَفِها، ولا يَخْتَصُّ بأقْرِبائِها (٥)؛ لأنَّ الأعْواضَ (٦) إنَّما تختلفُ بذلك دُونَ الأقاربِ. ولَنا، قولُه فى حديثِ ابن مسعودٍ: لها مَهْرُ نِسائِها (٧). ونساؤها أقارِبُها. وما ذكَرَه فنحنُ نَشْتَرطُه، ونَشْتَرِطُ معه أن تكونَ من نِسَاءِ (٨) أقارِبها؛ لأنَّها أقْرَبُ إليهِنَّ. وقوله: لا يَخْتَلِفُ ذلك باختلافِ الأقارِب. لا يَصِحُّ؛ فإن المرأةَ تُطْلَب لِحَسَبِها (٩)، كما جاء فى الأثَرِ، وحَسَبُها يَخْتَصُّ به أقارِبُها، فيزْدادُ المهرُ لذلك ويَقِلُّ، وقد يكونُ الحىُّ وأهلُ القَرْيةِ لهم عادةٌ فى الصَّداقِ، ورَسْمٌ مُقَرَّرٌ، لا يُشاركهم فيه غيرُهم، ولا يُغَيِّرُونه بتَغَيُّرِ الصِّفاتِ، فيكونُ الاعتبارُ بذلك دُونَ سائرِ الصِّفاتِ. واخْتلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، فى مَن يُعْتَبَرُ من أقارِبِها، فقال، فى رِوايةِ حَنْبَلٍ: لها مهرُ مِثْلِها من نسائِها من قِبَلِ أبِيها. فاعْتَبَرها بنساءِ العَصَباتِ خاصَّة. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. وقال، فى روايةِ إسحاقَ بن هانئ: لها مهرُ نسائِها، مثل أُمِّها أو أخْتِها أو عَمّتِها أو بنتِ عَمِّها. اخْتارَه أبو بكرٍ. وهو مذهبُ أبى حنيفة، وابنِ أبى ليلى؛ لأنَّهُنَّ من نِسائها. والأُولَى أوْلَى؛ فإنَّه قد رُوِىَ فى قِصّةِ بَرْوَع، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَضَى فى بَرْوَعَ بنتِ واشقٍ بمثلِ مَهْرِ نِساءِ قَوْمِها (٧). ولأنَّ شَرَفَ المرأةِ مُعْتَبرٌ فى مَهْرِها،


(٤) فى أ، ب، م: "كمالها".
(٥) فى أ: "بأقاربها".
(٦) فى الأصل، أ، ب: "الأعراض".
(٧) تقدم تخريجه فى: ٩/ ١٩٢.
(٨) فى الأصل: "نسائها".
(٩) فى م: "فحسبها".

<<  <  ج: ص:  >  >>