للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَبَتَ هذا، فإنَّه إذا لم يَعْلَمْ بالبَيْعِ إلَّا وَقْتَ قُدُومِه، فله المُطَالَبةُ وإن طالَتْ غيْبَتُه؛ لأنَّ هذا الخِيَارَ يَثْبُتُ لإِزَالةِ الضَّرَرِ عن المالِ، فتَرَاخِى الزَّمانِ قبلَ العِلْمِ به لا يُسْقِطُه (٥)، كالرَّدِّ بالعَيْبِ، ومتى عَلِمَ فحُكْمُه في المُطَالَبةِ حُكْمُ الحاضِرِ، في أنَّه إن طَالَبَ على الفَوْرِ اسْتَحَقَّ، وإلَّا بَطَلَتْ شُفْعَتُه، وحُكْمُ المَرِيضِ والمَحْبُوسِ وسائِرِ من لم يَعْلَم البَيْعَ لِعُذْرٍ، حُكْمُ الغائِبِ؛ لما ذَكَرْنا.

٨٧٤ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ عَلِمَ وَهُوَ في السَّفَرِ، فَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى مُطَالَبتِهِ، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ)

ظاهِرُ هذا أنَّه متى عَلِمَ الغائِبُ بالبَيْعِ، وقَدَرَ على الإِشْهادِ على (١) المُطَالَبةِ فلم يَفْعَلْ، أنَّ شُفْعَتَه تَسْقُطُ، سواءٌ قَدَرَ على التَّوْكِيلِ أو عَجَزَ عنه، أو سارَ عَقِيبَ العِلْمِ أو أقامَ. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ، في الغائِبِ: له الشُّفْعَةُ إذا بَلَغَهُ أشْهَدَ، وإلَّا فليس له شيءٌ. وهو وَجْهٌ للشَّافِعِىِّ، والوَجْهُ الآخَرُ، لا يَحْتاجُ إلى الإِشْهادِ؛ لأنَّه (٢) ثَبَتَ عُذْرُه، فالظاهِرُ أنَّه تَرَكَ الشُّفْعةَ لذلك. فقُبِلَ قولُه فيه. ولَنا، أنَّه قد يَتْرُكُ الطَّلَبَ لِلعُذْرِ، وقد يَتْرُكُه (٣) لغيرِه، وقد يَسِيرُ لِطَلَبِ الشُّفْعةِ، وقد يَسِيرُ لغيره، وقد قَدَرَ أن يُبَيِّنَ ذلك بالإِشْهادِ، فإذا لم يَفْعَلْ سَقَطَتْ شُفْعَتُه، كتارِكِ الطَّلَبِ مع حُضُورِه. وقال القاضي: إن سارَ عَقِيبَ عِلْمِه إلى البَلَدِ الذي فيه المُشْتَرِى من غيرِ إِشْهادٍ، احْتَمَلَ أن لا تَبْطُلَ شُفْعَتُه؛ لأنَّ ظاهِرَ سَيْرِه أنَّه للطَّلَبِ. وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ، والعَنْبَرِيِّ، وقولٌ لِلشَّافِعِىِّ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: له من الأَجَلِ بعدَ العِلْمِ قَدْرُ السَّيْرِ، فإن مَضَى الأَجَلُ قبلَ أن يَبْعَثَ أو يَطْلُبَ، بَطَلَتْ شُفْعَتُه. وقال العَنْبَرِىُّ: له


(٥) في الأصل: "يسقط".
(١) في م: "وعلى".
(٢) في الأصل زيادة: "إذا".
(٣) في م: "يترك".

<<  <  ج: ص:  >  >>