للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين أهْلِ العِلْمِ، وإن كان فى يَوْمَيْنِ من رمضانَ، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، تُجْزِئُه كَفَّارَةٌ واحِدَةٌ. وهو ظَاهِرُ إطْلَاقِ الخِرَقِىِّ، واخْتِيَارُ أبى بكرٍ، ومذهبُ الزُّهْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْى؛ لأنَّها جَزاءٌ عن جِنايَةٍ تَكَرَّرَ سَبَبُها قبلَ اسْتِيفَائِها، فيَجِبُ أنْ تَتَدَاخَلَ كالحَدِّ. والثانى: لا تُجْزِئُ واحِدَةٌ، ويَلْزَمُه كَفَّارَتَانِ. اخْتارَهُ القاضى، وبعضُ أصْحَابِنا. وهو قولُ مالِكٍ، واللَّيْثِ، والشَّافِعِىِّ، وابنِ المُنْذِرِ. ورُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ، ومَكْحُولٍ؛ لأنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبادَةٌ مُنْفَرِدَةٌ، فإذا وَجَبَتِ الكَفَّارَةُ بإفْسادِهِ لم تَتَدَاخَلْ، كرَمَضَانَيْنِ، وكالحَجَّتَيْنِ.

٤٩٨ - مسألة؛ قال: (وإن كَفَّرَ، ثُمَّ جَامَعَ ثَانِيَةً، فَكَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ)

وجُمْلَتُه أنَّه إذا كَفَّرَ، ثم جامَعَ ثَانِيةً، لم يَخْلُ مِنْ أن يكونَ فى يومٍ واحِدٍ، أو فى يَومَيْنِ، فإن كان فى يومين، فعليه كَفَّارَةٌ ثانيةٌ، بغيرِ خِلَافٍ نَعْلَمُه، وإنْ كان فى يومٍ واحِدٍ. فعليه (١) كَفَّارَةٌ ثانيةٌ. نَصَّ عليه أحمدُ. وكذلك يُخَرَّجُ فى كلِّ مَن لَزِمَهُ الإمْساكُ وحُرِّمَ عليه الجِماعُ فى نَهَارِ رمضانَ. وإن لم يَكُنْ صَائِمًا، مثل مَن لم يَعْلَمْ بِرُؤْيَةِ الهِلَالِ إلَّا بعد طُلُوعِ الفَجْرِ، أو نَسِىَ النِّيَّةَ، أو أكَلَ عَامِدًا، ثم جامَعَ، فإنَّه يَلْزَمُه كَفَّارَةٌ. وقال أبو حنيفةَ، ومَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ: لا شىء عليه بذلك الجِمَاعِ؛ لأنَّه لم يُصَادِفِ الصَّوْمَ، ولم يَمْنَعْ صِحَّتَهُ، فلم يُوجِبْ شيئا، كالجِمَاعِ فى اللَّيْلِ. ولَنا، أنَّ الصَّوْمَ فى رمضانَ عِبَادَةٌ تَجِبُ الكَفَّارَةُ بالجِماعِ فيها، فتَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِ الوَطْءِ إذا كان بعد التَّكْفِيرِ، كالحَجِّ، ولأنَّه وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِحُرْمَةِ رمضانَ، فأوْجَبَ الكَفَّارَةَ كالأوَّلِ (٢)، وفَارَقَ الوَطْءَ فى اللَّيْلِ، فإنَّه غيرُ مُحَرَّمٍ. فإن قيل: الوَطْءُ الأوَّلُ تَضَمَّنَ هَتْكَ الصومِ، وهو مُؤَثِّرٌ فى الإيجابِ، فلا يَصِحُّ إلْحَاقُ غيرِه به. قُلْنا: هو مَلْغِىٌّ بمن طَلَعَ عليه الفَجْرُ وهو مُجامِعٌ فاسْتَدَامَ، فإنَّه


(١) سقط من: م.
(٢) فى ب، م: "كالأولى".

<<  <  ج: ص:  >  >>