للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمَلَتْه الحاجَةُ، والنَّاسُ في شِدَّةٍ ومجاعَةٍ. وعن الأوْزاعِىِّ مِثْلُ ذلك. وهذا محمولٌ على مَن لا يجدُ ما يشْتَرِيه، أو لا يجدُ ما يَشْتَرِى به، فإنَّ له شُبْهَةً في أخْذِ ما يأكلُه، أو ما يشتَرِى به ما يأكلُه. وقد رُوِىَ عن عمر، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّ غلْمانَ حاطِبِ بنِ أبي بَلْتَعةَ انْتَحرُوا ناقةً للمُزَنِىِّ، فأمرَ عمرُ بِقَطْعِهم، ثم قال لحاطِبٍ: إنِّي أراكَ تُجِيعُهم (١٥). فدرأَ عنهم القَطْعَ لمَّا [ظَنَّ أنَّه] (١٦) يُجِيعُهم. فأمَّا الواجدُ لِمَا يأكلُه، أو الواجِدُ لِمَا يشْتَرِى به وما يشْتَرِيه، فعليه القَطْعُ، وإن كان بالثَّمَنِ (١٧) الغالِى. ذكرَه القاضي، وهو مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ. ولا قَطْعَ على المرأةِ إذا مَنَعها الزَّوْجُ قدرَ كفايتِها، أو كفايَةِ ولدِها، فأخذتْ من مالهِ، سواءٌ أخذَتْ قدرَ ذلك أو أكثرَ منه؛ لأنَّها تسْتَحِقُّ قدرَ ذلك، فالزَّائِدُ يكونُ مُشترَكًا بما يُسْتَحَقُّ أخْذُه، ولا على الضَّيْفِ إذا مُنِعَ قِرَاهُ، فأخَذَ أيضًا من مالِ المُضِيفِ؛ لذلك.

١٥٩٠ - مسألة؛ قال: (وَلَا يُقْطَعُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، أوْ اعْتِرافٍ مَرَّتَيْنِ)

وجملَةُ ذلك أنَّ القَطْعَ إنَّما يجبُ بأحَدِ أمْرَين؛ بَيِّنَةٍ، أو إقرارٍ، لا غيرُ، فأمَّا البَيِّنَةُ، فَيُشْتَرَطُ فيها أنْ يكونا رجلَيْن مُسْلِمَيْن حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ، سواءٌ كان السَّارِقُ مسلمًا أو ذِمِّيًّا، وقد ذكرنا ذلك في الشَّهَادَةِ في الزِّنَى بما أغْنَى عن إعادَتِه ههُنا (١)، ويُشْتَرَطُ أن يَصِفَا السَّرِقَةَ والحِرْزَ، وجِنْسَ النِّصَابِ، وقدرَه، ليزُولَ الاختلافُ فيه، فيقولانِ: نَشْهدُ أنَّ هذا سرقَ كذا، قِيمَتُه كذا، من حِرْزٍ. ويَصِفان الحِرْزَ. وإن كان المسروقُ منه غائِبًا، فَحَضَرَ وكيلُه، وطالَبَ بالسَّرِقَةِ، احتاجَ الشاهدانِ أن يَرْفَعَا في نَسَبِهِ، فيقولان: من حِرْزِ فُلانِ بنِ فلانِ بنِ فلانٍ، بحيثُ يتميَّزُ من غيرِه، فإذا اجتمعَتْ هذه الشروطُ، وجبَ القَطْعُ


= في: باب في الرجل يسرق التمر والطعام، من كتاب الحدود. المصنف ١٠/ ٢٧.
(١٥) تقدم تخريجه، في: ٥٣ وانظره.
(١٦) في ب، م: "ظنه".
(١٧) في الأصل، ب: "الثمن".
(١) تقدم في صفحة ٣٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>