للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى مَسْأَلَتِنا فإنَّه مُعاوَضَةٌ فى مُقابَلَةِ نَقْلِ (٢٧) المِلْكِ، فلا يَثْبُتُ له (٢٨) العِوَضُ على غيرِه، وإن كان هذا القولُ على وَجْهِ الضَّمانِ، صَحَّ البَيْعُ، لَزِمَ الضَّمانُ.

فصل: والعُرْبُونُ فى البَيْعِ، هو أن يَشْتَرِىَ السِّلْعَةَ، فيَدْفَعَ إلى البائِعِ دِرْهَمًا أو غيرَه، على أنَّه إن أخَذَ السِّلْعَةَ، احْتَسَبَ به من الثَّمَن، وإن لم يَأْخُذْها، فذلك لِلْبَائِعِ. يقال: عُرْبُونٌ، وأُرْبُونٌ، وعُرْبانٌ وأُرْبانٌ. قال أحْمَدُ: لا بَأْسَ به، وفَعَلَه عمرُ رَضِىَ اللَّه عنه. وعن ابن عمرَ، أنَّه أجازَه. وقال ابنُ سِيرِينَ: لا بَأْسَ به. وقال سَعِيدُ بن المُسَيَّب وابنُ سِيرِينَ: لَا بَأْسَ إذا كَرِهَ السِّلْعَةَ أن يَرُدَّها، ويَرُدَّ معها شَيْئًا. وقال أحمدُ: هذا فى مَعْناه. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ، أنَّه لا يَصِحُّ. وهو قولُ مالِكٍ، والشَّافِعِيِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، ويُرْوَى ذلك عن ابنِ عَبَّاسٍ والحسنِ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، نَهَى عن بَيْعِ العُرْبُونِ. رواه ابنُ ماجَه (٢٩). ولأنَّه شَرَطَ لِلْبائِعِ شَيْئًا بغير عِوَضٍ، فلم يَصِحَّ، كما لو شَرَطَه لأجْنَبِيٍّ، ولأنَّه بمَنْزِلَةِ الخِيارِ المَجْهُولِ، فإنَّه اشْتَرَطَ أنَّ له رَدَّ المَبِيعِ من غيرِ ذِكْرِ مُدَّةٍ، فلم يَصِحَّ، كما لو قال: ولِىَ الخِيارُ مَتَى شِئْتُ رَدَدْتُ السِّلْعَةَ، ومعها دِرْهَمًا. وهذا هو القِياسُ. وإنَّما صارَ أحمدُ فيه إلى ما رُوِىَ فيه عن نافِعِ بن عبدِ الحارِثِ، أَنَّه اشْتَرَى لِعُمَرَ دَارَ السِّجْنِ من صَفْوان بن أُمَيَّةَ، فإن رَضِىَ عمرُ، وإلَّا فلَهُ كذا وكذا. قال الأَثْرَمُ: قلتُ لأحمدَ تَذْهَبُ إليه؛ قال: أيُّ شيْءٍ أقولُ؟ هذا عُمَرُ رَضِىَ اللهُ عنه. وضَعَّفَ الحَدِيثَ المَرْوِيَّ. رَوَى هذه القِصَّةَ الأَثْرَمُ بإسْنادِه. فأمَّا إن دَفَعَ إليه قبلَ البَيْعِ دِرْهَمًا، وقال: لا تَبِعْ هذه السِّلْعَةَ لِغَيْرِى، وإن لم أشْتَرِها منك، فهذا الدِّرْهَمُ


(٢٧) سقط من: الأصل.
(٢٨) فى م: "لمن".
(٢٩) فى: باب بيع العربان، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٣٨، ٧٣٩.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى العربان، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٥٣. والإِمام مالك، فى: باب ما جاء فى بيع العربان، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>