للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّسَاوِى في العَمَلِ، فههُنا أَوْلَى. فإن قال من قال: مَنْ رَدَّ لُقَطَتِى فله دِينارٌ. فرَدَّها ثَلَاثَةٌ، فلهم الدِّينارُ بينهم أثْلَاثًا؛ لأنَّهم اشْتَرَكُوا في العَمَلِ الذي يُسْتَحَقُّ به العِوَضُ، فاشْتَركُوا في العِوَضِ، كالأجْرِ في الإِجَارَةِ. فإن قيل: أليس لو قال: مَن دَخَلَ هذا النَّقْبَ فله دِينارٌ. فدَخَلَه جَماعةٌ، اسْتَحَقَّ كلُّ واحدٍ منهم دِينَارًا كامِلًا، فَلِمَ لا يكونُ ههُنا كذلك؟ قُلْنا: لأنَّ كلَّ واحدٍ من الدَّاخِلِينَ دَخَلَ دُخُولًا كامِلًا، كدُخُولِ المُنْفَرِدِ، فاسْتَحَقَّ العِوَضَ كامِلًا، وههُنا لم يَرُدُّه واحدٌ منهم كامِلًا، إنَّما اشْتَركُوا فيه، فاشْتَركُوا في عِوَضِه. فنَظِيرُ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ ما لو قال: مَنْ رَدَّ عَبْدًا من عَبِيدِى فله دِينارٌ. فرَدَّ كلُّ واحدٍ منهم عَبْدًا. ونَظِيرُ مَسْأَلةِ الرَّدِّ ما لو قال: من نَقَبَ السُّورَ فله دِينارٌ. فنَقَبَ ثَلَاثَةٌ نَقْبًا واحِدًا (١١). فإن جَعَلَ لواحدٍ في رَدِّها دِينارًا، ولآخَرَ دِينارَيْنِ، ولِثالِثٍ ثَلَاثةً، فرَدَّه الثَّلاثَةُ فلكلِّ واحدٍ منهم ثُلُثُ ما جَعَلَ له؛ لأنَّه عَمِلَ ثُلُثَ العَمَلِ، فاسْتَحَقَّ ثُلُثَ المُسَمَّى. فإن جَعَلَ لواحدٍ دِينارًا، وللآخَرَيْنِ (١٢) عِوَضًا مَجْهُولًا، فرَدَّوه (١٣) معا، فلِصَاحِبِ الدِّينارِ ثَلَاثَةُ، وللآخَرَيْنِ أجْرُ عَمَلِهِما. وإن جَعَلَ لواحدٍ شيئًا في رَدِّها، فرَدَّها هو وآخَرَانِ معه، وقالا: رَدَدْنا مُعَاوَنةً له. اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الجُعْلِ، ولا شىءَ لهما، وإن قالا: رَدَدْناه لنَأْخُذَ العِوَضَ لأَنْفُسِنَا. فلا شىءَ لهما، وله ثُلُثُ الجُعْلِ؛ لأنَّه عَمِلَ ثُلُثَ العَمَلِ، فاسْتَحَقَّ ثُلُثَ الجُعْلِ، ولم يَسْتَحِقَّ الآخَرانِ شيئًا؛ لأنَّهما عَمِلَا من غيرِ جُعْلٍ. وهذا كلُّه مذهبُ الشافِعِيِّ. ولا أعْلَمُ فيه خِلَافًا (١٤).

فصل: وإن قال: مَنْ رَدَّ عَبْدِى من بَلَدِ كذا فله دِينارٌ. فرَدَّه إنْسانٌ من نِصْفِ طَرِيقِ ذلك البَلَدِ، اسْتَحَقَّ نِصْفَ الجُعْلِ؛ لأنَّه عَمِلَ نِصْفَ العَمَلِ. وكذلك لو قال:


(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) في م: "ولآخرين".
(١٣) في م: "فرده".
(١٤) في الأصل: "مخالفا".

<<  <  ج: ص:  >  >>