للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُكْنَى، في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛ منهم الشَّعْبِىُّ، وحَمَّادٌ، ومالكٌ، والأوْزَاعىُّ، والشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وأبو ثَوْرٍ. وقال الحَكَمُ: لها النفقةُ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: لا أعلمُ أحدًا خالَفَ هؤلاء إلَّا الحَكمَ، ولعله يَحْتَجُّ بأنَّ نُشُوزَها لا يُسْقِطُ مَهْرَها، فكذلك نفَقَتُها. ولَنا، أنَّ النَّفقةَ إنَّما تجبُ في مُقابلةِ تَمْكِينِها، بدليلِ أنَّها لا تجبُ قبلَ تَسْلِيمِها إليه، وإذا مَنَعَها النَّفقةَ كان لها (٣) مَنْعُه التَّمْكِينَ، فإذا منَعَتْه التَّمْكِينَ كان له مَنْعُها من النَّفقةِ، كما قبلَ الدُّخُولِ. وتخالِفُ المَهْرَ؛ فإنَّه يجبُ بمُجَرَّدِ العَقْدِ، ولذلك لو مات أحَدُهما قبلَ الدُّخولِ وجَبَ المهرُ دُونَ النَّفقةِ. فأمَّا إذا كان له (٤) منها ولَدٌ، فعليه نَفَقةُ ولَدِه؛ لأنَّها واجبةٌ له، فلا يَسْقُطُ حَقُّه بمَعْصِيَتِها، كالكبيرِ، وعليه أن يُعْطِيَها إيَّاها إذا كانتْ هي الحاضِنَةَ (٥) له، أو المُرْضِعةَ له، وكذلك أجْرُ رَضاعِها، يَلْزَمُه تَسْلِيمُه (٦) إليها؛ لأنَّه أجْرٌ مَلَكَتْه عليه بالإِرْضاعِ (٧)، لا في مُقَابلةِ الاسْتِمْتاعِ، فلا يَزُولُ بزَوَالِه.

فصل: وإذا سَقَطَتْ نفقةُ المرأةِ بنُشُوزِها، فعادت عن النُّشُوزِ والزوجُ حاضرٌ، عادتْ نفَقَتُها؛ لزوالِ المُسْقِطِ لها، ووُجُودِ التَّمْكِينِ المُقْتَضِى لها. وإن كان غائبًا، لم تَعُدْ نفقَتُهَا حتى يَعُودَ التَّسْليمُ بحُضُورِه، أو بحُضورِ (٨) وَكِيلِه، أو حُكْمِ الحاكِم بالوُجُوبِ إذا مَضَى زَمَنُ الإِمْكانِ. ولو ارْتَدَّتْ امرأتُه، سَقَطَتْ نفَقَتُها، فإن عادَتْ إلى الإِسلامِ، عادتْ نفقَتُها بمُجَرَّدِ عَوْدِها؛ لأنَّ المُرْتَدَّةَ إنَّما سَقَطَتْ نفَقَتُها بخُرُوجِها (٩) عن الإِسْلامِ، فإذا عادتْ إليه، زال المَعْنَى المُسْقِطُ، فعادتِ النَّفقةُ،


(٣) في الأصل: "له".
(٤) سقط من: "ب".
(٥) في ب، م: "الخاضعة". تحريف.
(٦) في الأصل: "بتسليمه".
(٧) في الأصل: "بالرضاع".
(٨) في أ، ب, م: "حضور".
(٩) في الأصل: "لخروجها".

<<  <  ج: ص:  >  >>