للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُكَاتَبَ عَبْدُه، فلا تُقْبَلُ شَهَادَتُه له، كمُدَبَّرِه، ولأنَّ ما يَحْصُلُ للمُكَاتَبِ يَنْتَفِعُ به السَّيِّدُ؛ لأنَّه إن عَجَزَ صارَ له، وإن لم يَعْجِزْ سَهُلَ عليه الوَفَاءُ له. وإن شَهِدَ على مُكَاتَبِه بشيءٍ من ذلك، قُبِلَتْ شَهَادَتُه؛ لأنَّه غيرُ مُتَّهَمٍ، فأَشْبَهَ الشَّهادَةَ على وَلَدِه.

٨٨٠ - مسألة؛ قال: (وَإنْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا، ولِلْآخَرِ ثُلُثُهَا، ولِلْآخَرِ سُدُسُهَا، فَبَاعَ أحَدُهُم، كَانَتِ الشُّفْعةُ بَيْنَ النَّفْسَيْنِ على قَدْرِ سِهَامِهِمَا)

الصَّحِيحُ في المَذْهَبِ أنَّ الشِّقْصَ المَشْفُوعَ إذا أخَذَه الشُّفَعاءُ، قُسِمَ بينهم على قَدْرِ أمْلَاكِهِم. اخْتَارَهُ أبو بكرٍ. ورُوِى ذلك عن الحَسَنِ، وابنِ سِيرِينَ، وعَطَاءٍ. وبه قال مالِكٌ، وسَوَّارٌ، والعَنْبَرِىُّ، وإسحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ. وهو أحدُ قَوْلَىِ الشّافِعِىِّ. وعن أحمدَ، رِوَايةٌ ثانيةٌ، أنَّه يُقْسَمُ بَيْنَهُم على عَدَدِ رُءُوسِهِم. اخْتارَها ابنُ عَقِيلٍ. ورُوِى ذلك عن النَّخَعِيِّ، والشَّعْبِيِّ. وبه قال ابنُ أبي لَيْلَى، وابنُ شُبْرُمَةَ، والثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم لو انْفَرَدَ لَاسْتَحَقَّ الجَمِيعَ، فإذا اجْتَمَعُوا تَسَاوَوْا، كالبَنِينَ في المِيرَاثِ، وكالمُعْتَقِينَ في سِرَايةِ العَتْقِ. ولَنا، أنَّه حَقٌّ يُسْتَفادُ [بِسَبَبِ المِلْكِ] (١)، فكان على قَدْرِ الأَمْلَاكِ، كالغَلَّةِ، ودَلِيلُهُم يَنْتَقِضُ بالابْنِ والأَبِ أو الجَدِّ، وبالجَدِّ مع الإِخْوَةِ، وبالفُرْسانِ [مع الرَّجّالَةِ] (٢) في الغَنِيمَةِ، وأَصْحابِ الدُّيُونِ والوَصَايَا، إذا نَقَصَ مالُه عن دَيْنِ أحَدِهِم (٣)، أو الثُّلُث عن وَصِيَّةِ أحَدِهِم. وفارَقَ الأَعْيانَ؛ لأَنَّه إِتْلَافٌ، والإِتْلافُ يَسْتَوِى فيه القَلِيلُ والكَثِيرُ، كالنَّجاسَةِ تُلْقَى في مائِعٍ. وأمَّا البَنُونَ، فإنَّهم تَسَاوَوْا في التَّسَبُّبِ (٤)، وهو البُنُوَّةُ، فتَسَاوَوْا في الإِرْثِ بها،


(١) في ب: "بالملك".
(٢) في الأصل، ب: "والرجالة".
(٣) في ب، م: "أحدهما".
(٤) في الأصل: "السبب".

<<  <  ج: ص:  >  >>