للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَمَةِ. وهذا ظاهرُ مذهبِ الشافعىِّ، وذكروا (١٢) وَجْهًا آخرَ أنَّه يجوزُ له (١٣)؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ}. وهذا غيرُ مُسْتَطِيعٍ لذلك. ولَنا، قول اللَّه تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}. وهذا غيرُ خائفٍ له، ولأنَّه قَدَرَ على صِيَانةِ وَلَدِه عن الرِّقِّ، فلم يَجُزْ له إرْقاقُه، كما لو قَدَرَ على نِكاحِ مُؤْمنةٍ.

فصل: ومَنْ كانت تحتَه (١٤) حُرّةٌ يُمْكِنُه أن يَسْتَعِفَّ بها، لم يَجُزْ له نِكاحُ أمَةٍ. لا نعلمُ فى هذا خِلافًا، ولا فَرْقَ بين الكتابيَّةِ والمُسْلمةِ فى ذلك؛ لما ذكرْنا من قبلُ.

فصل: فإن لم يَجِدْ طَوْلًا، لكنْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُه ذلك، لم يَلْزَمْه؛ لأنَّ عليه ضَرَرًا فى بَقَاءِ الدَّيْنِ فى ذِمَّتِه، ولصاحِبِه (١٥) مُطَالَبَتُه به فى الحالِ. وكذلك إن رَضِيَتِ الحُرّةُ بتأْخِيرِ صَدَاقِها، أو تَفْوِيضِ بُضْعِها؛ لأنَّ لها مُطَالَبَتَه بعِوَضِه. وكذلك إن بَذَلَ له باذِلٌ (١٦) أن يَزِنَه عنه، أو يَهَبَه إيَّاه، لم يَلْزَمْه قَبُولُه (١٧)؛ لما عليه من ضَرَرِ المِنَّةِ، وله فى ذلك كلِّه نِكاحُ الأَمَةِ. وإن لم يَجِدْ مَنْ يُزوِّجُه إلَّا بأكْثَرَ من مَهْرِ المِثْلِ، وكان قادرًا عليه، ولا يُجْحِفُ به، لم يَكُنْ له نِكاحُ الأَمَةِ. وقال أصحابُ الشافعىِّ: له ذلك، كما لو لم يَجِدِ الماءَ إلَّا بزِيادةٍ عن ثمنِ المِثْلِ، فله التَّيَمُّمُ. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا}. وهذا مُسْتَطِيعٌ، ولأنَّه قادِرٌ على نِكاحِ حُرَّةٍ بما لا يَضُرُّه، فلم يَجُزْ له إرْقاقُ وَلَدِه، كما لو كان بَمْهرِ مِثْلِها، ولا نُسَلِّمُ ما ذكَرُوه فى التَّيَمُّمِ، ثم هذا مُفارِقٌ للتَّيَمُّمِ من وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، أَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصةٌ عامّةٌ، وهذا أُبِيحَ للضَّرُورةِ، ومع القُدْرةِ على الحُرَّةِ لا ضَرُورَةَ. والثانى، أَنَّ التَّيَمُّمَ يتكَرَّرُ، فإيجابُ


(١٢) فى م: "وذكر".
(١٣) سقط من: ب، م.
(١٤) فى الأصل: "عنده".
(١٥) فى م: "ولصاحبته".
(١٦) سقط من: ب.
(١٧) سقط من: الأصل، أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>