للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَرِيضةً لم تَحِضْ ثلاثَ حَيْضاتٍ حتَى أسْلَمَ، أو تكونَ رُدَّتْ إليه بنكاحٍ جديدٍ، فقد رَوَى ابن أبى شَيْبةَ، فى "سُنَنِه" عن عمرِو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جَدِّه، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَدَّها على أبى العاص بنكاحٍ جديدٍ. روَاه التِّرْمِذِىُّ (٣١)، وقال: سَمِعْتُ عَبْدَ بن حُمَيْدٍ يقول: سمعتُ يَزِيدَ بن هارُونَ يقول: حديثُ ابنِ عباسٍ أجْوَدُ إسْنادًا، والعملُ على حديثِ عمرِو بن شُعَيْبٍ.

فصل: وإذا وَقَعتِ الفُرْقْةُ بإسْلامِ أحَدِهما بعدَ الدُّخولِ، فلها المَهْرُ كاملًا؛ لأنَّه اسْتَقَرَّ بالدُّخُولِ، فلم يَسْقُط بشىءٍ، فإن كان مُسَمًّى صَحِيحًا، فهو لها؛ لأنَّ أَنْكِحةَ الكُفَّارِ صحيحةٌ، يَثْبُتُ لها أحكامُ الصِّحَّةِ، وإن كان مُحَرَّمًا، وقد قَبَضَتْه فى حالِ الكُفْرِ، فليس لها غيرُه؛ لأنَّنا لا نَتَعَرَّضُ لما مضَى من أحكامِهِم، وإن لم تَقْبِضْه، وهو حَرامٌ، فلها مَهْرُ مِثْلِها؛ لأنَّ الخمرَ والخِنْزِيرَ لا يجوزُ أن يكونَ صَداقًا لمُسْلِمةٍ، ولا فى نكاحِ مُسْلِمٍ، وقد صارتْ أحكامُهم أحْكامَ المُسْلِمينَ. فأمَّا نَفَقةُ العِدَّةِ، فإن كانت هى المسلمةَ قبلَه، فلها نفقةُ عِدَّتِها؛ لأنَّه يتَمَكَّنُ من إبْقاءِ نِكاحِها، واستِمتْاعِه منها، بإسْلامِه معها، فكانت لها النفقةُ كالرَّجْعِيَّةِ، وإن كان هو المسلمَ قَبْلَها، فلا نَفَقةَ لها عليه؛ لأنَّه لا سَبِيلَ له إلى اسْتِبْقاءِ نِكاحِها، وتَلافِى حالِها، فأشْبَهتِ البائِنَ، وسواءٌ أسْلَمَتْ فى عِدَّتِها أو لم تُسْلِمْ. فإن قيل: إذا لم تُسْلِمْ تَبَيَّنَّا أنَّ نِكاحَها انْفَسخَ باخْتِلافِ الدِّينَيْنِ، فكيف تَجِبُ النفقةُ للبائنِ؟ قُلْنا: لأنَّه كان يُمْكِنُ الزَّوجُ تَلافِىَ نِكاحِها إذا أسْلَمَتْ قبلَه (٣٢)، بل يجبُ عليه ذلك، فكانت فى مَعْنَى الرَّجْعِيَّةِ. فإن قيل: الرَّجْعيَّةُ جَرَّتْ إلى البَيْنُونةِ بسَبَبٍ منه، وهذه السَّببَ منها؟ قُلْنا: إلَّا أنَّه كان فَرْضًا عليها مُضَيّقًا، ويُمْكِنُه تَلافِيه، بخِلْافِ ما إذا أسْلَمَتْ قبلَ الدُّخولِ، فإنَّه يَسْقُطُ (٣٣) مَهْرُها جَمِيعُه؛ لأنَّه ما أمْكَنَه تَلافِيه.


(٣١) فى: باب ما جاء فى الزوجين المشركين. . .، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى ٥/ ٨١، ٨٢.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٤٧. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٠٨. ولم نجده فى مصنف ابن أبى شيبة.
(٣٢) سقط من: الأصل، م.
(٣٣) فى ب: "سقط".

<<  <  ج: ص:  >  >>