للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلاب، ثُمَّ نَهَى عن قَتْلِها، فقال: "عَلَيْكُم بالأَسْودِ الْبهِيمِ، ذِى النُّكْتَتَيْن (٦)، فَإنَّه شَيْطَانٌ". فأَمَرَ بقَتْلِه، وما وَجَبَ قَتْلُه حَرُمَ اقتناؤُه وتَعليمُه، فلم يُبَحْ صَيْدُه لغيرِ المُعَلَّم، ولأنَّ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَمَّاه شيطانًا، ولا يجوزُ اقتناءُ الشيطانِ، وإباحَةُ الصَّيْد المَقْتُولِ رُخْصَةٌ، فلا تُسْتَباحُ بمُحَرَّمٍ (٧) كسائِرِ الرُّخَصِ، والعُموماتُ مَخْصوصةٌ بما ذكرْناه، وإن كان فيه نُكْتَتانِ فوقَ عَيْنَيْه، لم يَخْرُجْ بذلك عن كونِه بَهِيمًا (٨)؛ لما ذكرْناه من الخبرِ.

١٧٠٥ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أَدْرَك (١) الصَّيْدَ وفِيهِ رُوحٌ، فَلَمْ يُذَكِّهِ حَتَّى مَاتَ، لَم يُؤْكَلْ)

يعنى، واللَّهُ أعلمُ، ما كان فيه حياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فأمّا ما كانت حياتُه كحياةِ المَذْبُوحِ، فهذا يُباحُ من غيرِ ذَبْحٍ، فى قَوْلِهم جميعًا، فإنَّ الذَّكاةَ فى مِثْل هذا لا تُفِيدُ شيئًا. وكذلك لو ذبَحَهُ مَجُوسِىٌّ، ثم أعادَ ذَبْحَه مُسْلِمٌ. لم يَحِلّ، فأمَّا إنْ أَدْرَكَه وفيه حَياةٌ مُسْتقِرَّةٌ، فلم يذبَحْهُ حتى ماتَ، نَظَرْتَ؛ فإنْ لم يتَّسِع الزَّمانُ لذَكاته حتى ماتَ، [فإنَّه يَحِلُّ] (٢) أيضًا. قال قَتادَةُ: يأكُلُه ما لم يتَوانَ فى ذَكاتِه، أو يتْرُكْه عَمْدًا وهو قادِرٌ على أَنْ يُذَكِّيَهُ. ونحوُه قولُ مالِك، والشافِعِىِّ. ورُوِىَ ذلك (٣) عن الحَسَن، والنَّخَعِىِّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يحِلُّ؛ لأنَّه أدْرَكَه حَيًّا حياةً مُسْتَقِرَّةً، فتَعَلَّقَتْ إباحَتُه بتَذْكِيَتِه، كما لو اتَّسَعَ الزمانُ. ولَنا، أنَّه لم يقْدِرْ على ذَكاتِه يوَجْهٍ يُنسَبُ فيه إلى التَّفْريطِ، ولم يَتَّسِعْ لها الزمانُ، فكان عَقْرُه ذَكاتَه، كالذى قَتَله (٤). ويفارِقُ ما قاسُوا عليه؛ لأنَّه أمْكَنَه ذَكاتُه، وفرط بتَرْكِها. ولو أدْرَكَه وفيه حياةٌ مُسْتقِرَّة يَعِيش بها زَمَنا (٣) طويلًا، وأمْكَنَتْه ذَكاتُه، فلم يُذَكِّه (٥) حتى ماتَ، لم يُبَحْ، سَواءٌ كان به جُرْحٌ لا (٣) يعيشُ معه أولا. وبه قال مالِكٌ، واللَّيْثُ، والشافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو


(٦) فى صحيح مسلم: "ذى النقطتين".
(٧) فى أ: "بالمحرم".
(٨) فى م: "نهيا".
(١) فى م: "أراد".
(٢) فى ب، م: "حل".
(٣) سقط من: م.
(٤) فى الأصل: "قبله".
(٥) فى الأصل، م: "يدركه".

<<  <  ج: ص:  >  >>