للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّانِيةُ، يَصِحُّ؛ لأنَّه لِفَائِدَةٍ، وهى تَأْدِيَةُ فَرْضِهِ في الجماعةِ مُضَاعَفَةَ الثَّواب (١١)، بِخِلَافِ مَن نَقَلَهَا لغيرِ غَرَضٍ، فإنَّهُ أبْطَلَ عَمَلَهُ لغيرِ سَبَبٍ ولا فائدَةٍ.

١٤٢ - مسألة؛ قال: (وإنْ تَقَدَّمَتِ النِّيَّةُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ وبَعْدَ دُخولِ الوَقْتِ مَا لَمْ يَفْسَخُهَا، أَجْزَأَهُ)

قال أصحابُنا: يجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ على التَّكْبِيرِ بِالزَّمَنِ اليَسِيرِ، وإنْ طال الفَصْلُ أو فَسَخَ نِيَّتَهُ بذلك، لم يُجْزِئْهُ. وحَمَلَ القاضي كلامَ الْخِرَقِيِّ على هذا، وفَسَّرَهُ به. وهذا مَذْهَبُ أبي حنيفَة. وقال الشافِعِيُّ وابْنُ المُنْذِرِ: يُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ للتَّكْبِيرِ؛ لقولِه تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (١). فقولُهُ {مُخْلِصِينَ} حَالٌ لهم في وقتِ العبادَة، فإنَّ الحال صِفَةُ (٢) هَيْئَةِ الفَاعِلِ وقتَ الفِعْلِ، والإِخْلَاصُ هو النِّيَّةُ، وقالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ". ولأنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ، فلم يَجُزْ أنْ تَخْلُوَ العبادةُ عنها، كسائِرِ شُرُوطِها. ولَنا، أنَّها عِبَادَةٌ فجَازَ تَقْدِيمُ نِيَّتِها عليها، كالصومِ، وتَقْدِيمُ (٣) النِّيَّةِ على الفِعْلِ لا يُخْرِجُهُ عن كَوْنِهِ مَنْويًّا، ولا يُخْرجُ الفاعلَ عن كَوْنِهِ مُخْلِصًا، بدلِيلِ الصومِ، والزكاةِ إذا دَفَعَها إلى وَكِيلِهِ، كسائِرِ الأفعالِ في أَثْنَاءِ العِبَادَةِ.

١٤٣ - مسألة؛ قال: (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، أوْ إلَى حَذُوِ مَنْكِبَيْهِ)

لا نَعْلَمُ خِلَافًا في اسْتِحْبابِ رَفْعِ اليدينِ عندَ افْتِتَاحِ الصلاةِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: لم (١) يَخْتَلِفْ أهْلُ العِلْمِ في أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كانَ يَرْفَعُ يديهِ إذا افْتَتَحَ الصلاةَ. وقد ذَكَرْنَا حديثَ أبي حُمَيْد (٢)، ورَوَى ابنُ عمرَ، قال: رأيتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا


(١١) في م: "للثواب".
(١) سورة البينة ٥.
(٢) في م: "وصف".
(٣) في الأصل: "وتقدم".
(١) في م: "لا".
(٢) تقدم في صفحة ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>