للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَعْنَى المُجَوِّزَ أو المانِعَ قد اسْتَوَيَا فيه، فوَجَبَ اسْتِوَاؤُهُما في الحُكْمِ، ولا بُدَّ لمن لا يُشَاهِدُ أن يَسْمَعَ التَّكْبِيرَ، لِيُمْكِنَه الاقْتِدَاءُ، فإنْ لم يَسْمَعْ، لم يَصِحَّ ائْتِمَامُه به بِحالٍ، لأنَّه لا يُمْكِنُه الاقْتِدَاءُ به.

فصل: وكل مَوْضِعٍ اعْتَبَرْنَا المُشَاهَدَةَ، فإنَّه يَكْفِيهِ مُشَاهَدَةُ مَنْ وَرَاءَ الإِمامِ، سَوَاءٌ شَاهَدَهُ مِن بابٍ أمَامَه أو عن يَمينِه أو عن يَسَارِه، أو شَاهَدَهُ طَرَفَ الصَّفِّ الذي وَرَاءَهُ، فإنَّ ذلك يُمْكِنُه الاقْتِدَاءُ به. وإن كانت المُشَاهَدَةُ تَحْصُلُ في بعضِ أحْوَالِ الصلاةِ، فالظَّاهِرُ صِحَّةُ الصلاةِ؛ لما رُوِىَ عن عائشةَ، قالت: كان رَسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّى مِن اللَّيْلِ، وجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرأَى النَّاسُ شَخْصَ رَسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بصَلَاتِه، وأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ بذلك، فقامَ اللَّيْلَةَ الثانِيَةَ، فقامَ معه أُناسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِه. رَوَاه البُخَارِيُّ (٨). والظَّاهِرُ أنَّهم كانُوا يَرَوْنَه في حال قِيامِه.

فصل: وإن (٩) كان بَيْنَهما طَرِيقٌ أو نَهْرٌ تَجْرِى فيه السُّفُنُ، أو كانا في سَفِينَتَيْنِ مُفْتَرِقَتَيْنِ، ففيه وَجْهانِ: أحَدُهما، لا يَصِحُّ أن يَأْتَمَّ به، وهو اخْتِيَارُ أصْحابِنا، ومذهبُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ الطَّرِيقَ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلصلاةِ، فأشْبهَ مَا يَمْنَعُ الاتِّصالَ. والثَّاني: يَصِحُّ، وهو الصَّحِيحُ عِنْدِى، ومَذهَبُ مالِكٍ والشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه لا نَصَّ في مَنْعِ ذلك، ولا إجْماعَ، ولا هو في مَعْنَى ذلك، لأنَّه لا يَمْنَعُ الاقْتِدَاءَ، فإنَّ المُؤَثِّرَ في ذلك ما يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ أو سَمَاعَ الصَّوْتِ، وليس هذا بواحِدٍ منهما، وقَوْلُهم: إنَّ بَيْنَهما (١٠) ما ليْس بمَحَلٍّ للصلاةِ فيه (١١)، [فأشْبَهَ ما يَمْنَعُ] (١٢). وإن سَلَّمْنا (١٣)


(٨) في: باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة، من كتاب الأذان. صحيح البخاري ١/ ١٨٦.
(٩) في أ، م: "وإذا".
(١٠) في أ: "بينهم".
(١١) سقط من: ا، م.
(١٢) سقط من: أ.
(١٣) في أ: "سلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>