للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باللِّعانِ، ولا يُبَتُّ الزِّنَى به، ولذلك لم يَلْزَمْها به حَدٌّ. ومن قَذَفَ ابنَ المُلاعَنَةِ، فقال: هو ولدُ زِنًى. فعليه الحَدُّ؛ للخَبَرِ والمعنَى. وكذلك إن قال: هو من الذي رُمِيَتْ به. فأمَّا إن قال: ليس هو ابنَ فلانٍ. يَعْنى المُلاعِنَ، وأرادَ أنَّه مَنْفِىٌّ عنه شَرْعًا، فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّه صادِقٌ.

فصل: فأمَّا إن ثَبَتَ زِنَاه بِبَيِّنَةٍ أو إقرارٍ، أو حُدَّ بالزِّنَى، فلا حَدَّ على قاذِفِهِ؛ لأنَّه صادِقٌ، ولأنَّ إحصانَ المَقْذُوفِ قد زالَ بالزِّنَى. ولو قال لِمَنْ زَنَى في شِرْكِهِ، أو لِمَنْ كان مَجُوسِيًّا تزوَّجَ بذاتِ مَحْرَمِه بعدَ أن أسْلَم: يا زَانِى. فلا حَدَّ عليه، إذا فَسَّرَه بذلك. وقال مالِكٌ: عليه الحَدُّ؛ لأنَّه قَذَفَ مُسْلِمًا لم يثْبُتْ زِنَاهُ في إسْلامِه. ولَنا، أنَّه قَذَفَ من ثَبَتْ زناهُ، أشْبَهَ ما لو ثَبَتَ زنَاهُ في الإِسلامِ، ولأنَّه صادِقٌ. والذي يقْتضِيه كلامُ الْخِرَقِىِّ (٣)، وجوبُ الحَدِّ عليه؛ لقولِه: ومن قذفَ مَنْ كان مُشْرِكًا، وقال: أردتُ أنَّه زَنَى وهو مُشْرِكٌ، لم يُلْتَفَتْ إلى قَوْلِه، وحُدَّ.

١٥٧٤ - مسألة؛ قال: (وَإذَا قُذِفَتِ الْمَرْأَةُ، لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا الْمُطَالَبَةُ، إذَا كَانَتِ الْأُمُّ في الْحَيَاةِ)

وإن قُذِفَتْ أمُّه وهى مَيِّتَةٌ، مسلمةً كانتْ أو كافرةً، حُرَّةً أو أَمَةً، حُدَّ القاذفُ إذا طالبَ الابنُ، وكان حُرًّا مسلمًا. أمَّا إذا قُذِفَتْ الأُمُّ (١) وهى في الحياةِ، فليس لولَدِها المُطالبةُ؛ لأنَّ الحَقَّ لها، فلا يُطَالِبُ به غيرُها، ولا يقومُ غيرُها مَقامَها، سَواءٌ كانتْ مَحْجورًا عليها أو غيرَ مَحْجُورٍ عليها؛ لأنَّه حَقٌّ يثْبُتُ للتَّشَفِّى، فلا يقومُ فيه غيرُ المُسْتَحِقِّ مَقامَه، كالقِصاصِ، وتُعْتَبَرُ حَصانَتُها؛ لأنَّ الحَقَّ لها، فتُعْتَبَرُ حَصانتُها، كما لو لم يَكُنْ لها ولَدٌ. وأَمَّا إنْ قُذِفَتْ وهى مَيِّتَةٌ، فَإنَّ لولَدِها المُطالبةَ؛ لأنَّه قَدْحٌ في نَسَبِه، ولأنَّه بِقَذْفِ أُمِّه يَنْسِبُه إلى أنَّه من زِنًى، ولا يسْتَحِقُّ ذلك بطريقِ


(٣) في الأصل زيادة: "في".
(١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>