للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِرْثِ، ولذلك تُعْتَبَرُ الحَصانةُ [فيه، ولا تُعْتَبَرُ الحَصانَةُ] (٢) في أُمِّه، لأنَّ القَذْفَ له. وقال أبو بكرٍ: لا يجبُ الحَدُّ بقَذْفِ مَيِّتَةٍ بحالٍ. وهو قوُل أصْحابِ الرَّأىِ؛ لأنَّه قذفٌ لِمَنْ لا تَصِحُّ منه المُطالَبَةُ، فأشْبَهَ قذفَ المجنونِ. وقالَ الشَّافِعِىُّ: إن كان المَيِّتُ مُحْصَنًا، فَلِوَلِيِّهِ المُطالبةُ، وينقَسِمُ بانْقسامِ الميراثِ، وإن لم يكُنْ مُحْصَنًا، فلا حَدَّ على قاذِفِهِ؛ لأنَّه ليس بمُحْصَنٍ، فلا يجبُ الْحَدُّ بقَذْفِه، كما لو كان حَيًّا. وأكثرُ أهلِ العلمِ لا يَرَوْنَ الحَدَّ على مَنْ لم (٣) يَقْذِفُ مُحْصَنًا حَيًّا ولا مَيِّتًا؛ لأنَّه إذا لم يُحَدَّ بقَذْفِ غيرِ المُحْصَنِ إذا كان حَيًّا، فَلَأَنْ لا يُحَدَّ بقَذْفِه بعدَ مَوْتِه أَوْلَى. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في المُلاعَنةَ: "وَمَنْ رَمَى وَلَدَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ" (٤). يعني مَن رَمَاه بأنَّه وَلَدُ زِنًى. وإذا وَجَبَ بِقَذْفِ ابنِ المُلاعَنَةِ بذلك، فَبِقَذْفِ غيرِه أَوْلَى، ولأنَّ أصْحابَ الرَّأْىِ أوْجَبُوا الحَدَّ على مَن نَفَى رَجُلًا عن أبيهِ، إذا كان أبَواهُ حُرَّيْنِ مُسْلِميْنِ وإنْ (٥) كانا مَيِّتَيْنِ، والحَدُّ إنَّما وجَبَ للوَلَدِ؛ لأنَّ الحَدَّ لا يُورَثُ عندَهم. فأمَّا إن قُذِفَتْ أُمُّه بعدَ موتِها، وهو مُشْرِكٌ أو عبدٌ، فلا حَدَّ عليه، في ظاهِرِ كلامِ الْخِرَقِيِّ، سواءٌ كانتِ الأُمُّ حُرَّةً مسلِمَةً أو لم تكنْ. وقال أبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: إذا قال لِكافِرٍ أو عبدٍ: لستَ لأبيكَ. وأبَواهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ، فعليه الحَدُّ. وإن قال لعبدٍ أُمُّه حُرَّةٌ وأبوه عبدٌ: لستَ لأبيكَ. فعليه الحَدُّ، وإن كان العبدُ للقاذِفِ (٦) [عند أبى ثور] (٧). وقال أصحابُ الرأى: يُسْتَقْبَحُ (٨) أن يُحَدَّ المَوْلَى لعَبْدِه. واحْتَجُّوا بأنَّ هذا قَذْفٌ لأُمِّه، فيُعْتَبَرُ إحْصَانُها دونَ إحْصانِه، لأنَّها لو كانتْ حَيَّةً، كان القَذْفُ لها، فكذلك إذا كانتْ


(٢) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٣) سقط من: م. والأولى أن تكون العبارة: على من يقذف من ليس محصنا.
(٤) تقدم تخريجه، في: ٨/ ٣٧٣.
(٥) في ب، م: "أو".
(٦) في ب، م: "القاذف".
(٧) سقط من: الأصل.
(٨) في م: "يصح".

<<  <  ج: ص:  >  >>