للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه لا دَلِيلَ على نِسْبَتِه إلى واحدٍ منهما، فأشْبَهَ ما لو كان مَجْنُونًا، لم يَنْتَسِبْ إلى واحدٍ منهما. وقال أبو عبدِ اللَّه ابنُ حامدٍ: يُتْرَكُ حتَّى يَبْلُغَ، فيَنْتَسِبَ إلى أحدِهما، وإن ألْحَقَتْه القافةُ بهما، لَحِقَ بهما. ومُقْتَضَى المذهبِ أن تَنْقَضِىَ عِدّتُها به منهما جميعًا؛ لأنَّ نَسَبَه ثَبَتَ منهما، كما تَنْقَضِى عِدَّتُها به من الواحدِ الذى يَثْبُتُ نَسَبُه منهما. وإن نَفَتْه القافةُ عنهما، فحُكْمُه حُكْم ما لو أشْكلَ أمرُه، وتَعْتَدُّ بعدَ وَضْعِه بثلاثِ قُرُوءٍ، ولا يَنْتَفِى عنهما بقَوْلِ الْقافةِ؛ لأنَّ عملَ الْقافةِ فى ترْجِيحِ أحدِ صاحِبَىِ الْفِرَاشِ لا فى النَّفْى عن الفِرَاشِ كلِّه، ولهذا لو كان صاحبُ الفِرَاشِ واحدًا فنَفَتْه (٨) القافةُ عنه، لم يَنْتَفِ عنه بقولِها. فأمَّا إن ولَدَتْ لدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ من وَطْءِ الثانى، ولأكْثرَ من أرْبَعِ سِنِينَ من فِرَاقِ الأوَّلِ، لم يَلْحَقْ بواحدٍ منهما، ولا تَنْقَضِى به عِدَّتُها منه، لأنَّنا نعلمُ أنَّه من وَطْءِ آخرَ، فتَنْقَضِى به عِدّتُها من ذلك الوَطْءِ، ثم تُتِمُّ (٩) عِدَّةَ الأوَّلِ، وتَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الثانى؛ لأنَّه قد وُجِدَ ما يقْتَضِى عِدَّةً ثالثةً، وهو الوَطْءُ الذى حَمَلَتْ منه، فتجِبُ عليها عِدَّتانِ، وإتمامُ العِدَّةِ الأُولَى.

فصل: وإذا تزَوَّجَ مُعْتَدّةً، وهما عالمانِ بالعِدَّةِ، وَتَحْريمِ النكاحِ فيها، ووَطِئها، فهما زِانِيَان، عليهما حَدُّ الزِّنَى، ولا مَهْرَ لها، ولا يَلْحَقُه النَّسَبُ. وإن كانا جاهِلَيْنِ بالعِدَّةِ، أو بالتَّحْريمِ، ثَبَتَ النَّسَبُ، وانْتَفَى الحَدُّ، ووَجَب المهرُ. وإن عَلِمَ هو دُونَها، فعليه الْحَدُّ والمَهْرُ، ولا نَسَبَ له. وإن عَلِمَتْ هى دُونَه، فعليها الْحَدُّ، ولا مَهْرَ لها، والنَّسَبُ لاحِقٌ به. وإنَّما (١٠) كان كذلك؛ لأنَّ هذا نكاحٌ (١١) مُتَّفَقٌ على بُطْلانِه، فأشْبَهَ نكاحَ ذَواتِ مَحارِمِه.

فصل: وإذا خالَعَ الرجلُ زَوْجَتَه، أو فَسَخَ نِكاحَه، فله أن يتَزَوَّجَها فى عِدَّتِها. فى قولِ جُمْهورِ الفقهاءِ. وبه قال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ، وطاوُسٌ، والزُّهْرِىُّ،


(٨) فى الأصل، أ: "فنفت".
(٩) فى أ: "تتمم".
(١٠) فى الأصل: "وإن مات".
(١١) فى أ: "النكاح".

<<  <  ج: ص:  >  >>