للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكونُ النَّفقةُ دَيْنًا في ذِمّةِ الزَّوجِ، وإن كانت عاقلةً قال لها السَّيِّدُ: إن أرَدْتِ النَّفقة، فافْسَخِى النِّكاحَ، وإلَّا فلا نَفقَةَ لكِ عندى.

فصل: وإن اختَلَفَ الزَّوجان في الإِنْفاقِ عليها، أو في تَقْبِيضِها نَفَقَتَها، فالقولُ قولُ المرأةِ؛ لأنَّها مُنْكِرَةٌ، والأصلُ معها. وإن اختَلَفا في التَّمْكِينِ المُوجبِ للنَّفَقةِ، أو في وَقْتِه، فقالتْ: كان ذلك من شهرٍ. فقال: بل مِن يومٍ. فالقولُ قولُه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ، والأصلُ معه. وإن اخْتلَفا في يَسارِه، فادَّعَتْه المرأةُ (٤٩) ليَفْرِضَ لها نَفَقةَ المُوسِرِينَ، أو قالتْ: كُنْتَ مُوسرًا. وأنْكَرَ ذلك، فإن عُرِفَ له مالٌ، فالقولُ قولُها، وإلَّا فالقولُ قولُه. وبهذا كله قال الشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وإن اخْتلَفا في فَرْضِ الحاكمِ للنَّفقةِ، أو في وَقْتِها، فقال: فَرَضَها منذُ شهرٍ. فقالتْ: بل منذُ عامٍ. فالقولُ قولُه. وبهذا قال الشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال (٥٠) مالكٌ: إن كان مُقِيمًا معها، فالقولُ قولُه، وإن كان غائِبًا عنها، فالقولُ قولُ المرأةِ من يوم رَفَعَتْ أمْرَها إلى الحاكمِ. ولَنا، أنَّ قولَه يُوافِقُ الأصْلَ، فقُدِّمَ، كما لو كان مُقِيمًا معها، وكلُّ مَنْ قُلْنا (٥١): القولُ قولُه. فَلِخَصْمِه عليه اليَمِينُ؛ لأنَّها دَعَاوَى (٥٢) في المالِ، فأَشْبَهتْ دَعْوَى الدَّيْنِ، ولأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ولكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْه" (٥٣). وإن دَفَعَ الزَّوجُ إلى امرأتِه نَفقةً وكُسْوةً، أو بَعَثَ به إليها، فقالتْ: إنما فَعَلْتَ ذلك تَبَرُّعًا وهِبَةً. وقال: بل وفاءً للواجِبِ علىَّ. فالقولُ قولُه؛ لأنَّه أعْلَمُ بنِيَّتِه، أشْبَهَ ما لو قَضَى دَيْنَه واختَلَفَ هو وغَرِيمُه في نِيَّتِه. وإن طَلَّقَ امرأتَه، وكانت حامِلًا فوَضَعَتْ، فقال: طَلَّقْتُكِ حاملًا، فانْقَضَتْ عِدّتُكِ بوَضْعِ الحملِ، وانْقَطَعَتْ نَفَقَتُكِ ورَجْعَتُك.


(٤٩) في الأصل بعد هذا: "والزوج". وفي ا، م: "أو الزوج". وحذفنا ذلك كله تبعا لما في الشرح الكبير.
(٥٠) سقطت الواو من: الأصل، م.
(٥١) في الأصل: "قلت".
(٥٢) في أ: "دعا". وفي م: "دعاو".
(٥٣) تقدم تخريجه، في: ٦/ ٥٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>