مال إليها، جاز؛ لأنَّ الحَقَّ له، وهو يَمْلِكُ إسْقاطَه. وإن مالَ إلى دَرْبٍ غيرِ نافذٍ، فالحَقُّ لأهْلِ الدَّرْبِ، والمُطالبةُ لهم؛ لأنَّ المِلْكَ لهم، ويَلْزَمُ النَّقْضُ بمُطالبةِ أحَدِهم، ولا يَبْرَأَ بإبْرائِه وتَأْجِيلِه، إلَّا أن يَرْضَى بذلك جَمِيعُهم؛ لأنَّ الحَقَّ لجمِيعِهم.
فصل: وإذا تقَدَّمَ إلى صاحبِ الحائطِ بنَقْضِه، فبَاعَه مائلًا، فلا ضَمانَ على بائِعِه؛ لأنَّه ليس بمِلْكٍ له، ولا على المُشْتَرِى؛ لأنَّه لم يُطالَبْ بنَقْضِه. وكذلك إن وهَبَه وأقْبَضَه. وإن قُلْنا بلُزُومِ الهِبَةِ، زال الضَّمانُ عنه بمُجَرَّدِ العَقْدِ. وإذا وجَبَ الضمانُ، وكان التَّالِفُ به آدَمِيًّا، فالدِّيَةُ على عاقِلَتِه، فإن أنْكَرَتْ عاقِلَتُه كَوْنَ الحائطِ لِصَاحِبِهِم، لم يَلْزَمْهم العَقْلُ، إلَّا أن يَثْبُتَ ذلك بِبَيِّنَةٍ؛ لأنَّ (٥٧) الأصْلَ عَدَمُ الوُجُوبِ عليهم، فلا يَجِبُ بالشَّكِّ. وإن اعْتَرَفَ صاحبُ الحائطِ، لَزِمَه الضَّمانُ دُونَهم؛ لأنَّ العاقِلةَ لا تَحْمِلُ اعْتِرافًا. وكذلك إن أنْكَرُوا مُطالَبَتَه بنَقْضِه، فالحكمُ على ما ذكَرْنا. وإن كان الحائطُ في يَدِ صاحِبِهم، وهو ساكِنٌ في الدَّارِ، لم يَثْبُتْ بذلك الوُجُوبُ عليهم؛ لأنَّ دَلالةَ ذلك على المِلْكِ من جِهَةِ الظَّاهِرِ، والظاهرُ لا تَثْبُتُ به الحُقُوقُ، وإنَّما تُرَجَّحُ به الدَّعْوَى.
فصل: وإن لم يَمِل الحائِطُ، لكنْ تَشَقَّقَ، فإن لم يُخْشَ سُقُوطُه، لكَوْنِ شُقُوقِه بالطُّولِ، لم يَجِبْ نَقْضُه، وكان حُكْمُه في هذا حكمَ الصحيحِ؛ لأنَّه لم يُخَفْ سُقُوطُه، فأشْبَهَ الصحيحَ، وإن خِيفَ وُقُوعُه، مثل أن تكونَ شُقُوقُه بالعَرْضِ، فحكْمُه حكمُ المائِلِ؛ لأنَّه يُخافُ منه التَّلَفُ، فأشْبَهَ المائِلَ.
فصل: وإذا أخْرَجَ إلى الطريقِ النافِذِ جَناحًا، أو سَابَاطًا، فسَقَطَ، أو شيءٌ منه على شيءٍ، فأتْلَفه، فعلى المُخْرِجِ ضَمانُه. وقال أصحابُ الشافعىِّ: إن وقَعَتْ خَشَبةٌ ليست مُرَكّبةً على حائِطِه، وجَبَ ضَمانُ ما أتْلَفَتْ، وإن كانت مُرَكّبةً على حائِطِه، وجَبَ نِصْفُ الضَّمانِ؛ لأنَّه تَلِفَ بما وضَعَه على مِلْكِه ومِلْكِ غيره، فانْقَسَمَ الضَّمانُ