للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما أقْرَضَهُ إيَّاه بِصِفَتِه زُيُوفًا. وهذا يَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ فيما إذا بَاعَهُ السِّلْعَةَ بها وهو يَعْلَمُ عَيْبَها؛ فأمَّا إن بَاعَهُ فى ذِمَّتِه بِدَرَاهِمَ، ثم قَبَضَ هذه بَدَلًا عنها غيرَ عَالِمٍ بها، فَيَنْبَغِى أن يَجِبَ له دَرَاهِمُ خَالِيَةٌ من العَيْبِ، ويَرُدَّ هذه عليه، ولِلْمُشْتَرِى رَدُّها على البَائِعِ، وَفَاءً عن القَرْضِ، ويَبْقَى الثَّمَنُ فى ذِمَّتِه. وإن حَسَبَها على البَائِعِ وَفَاءً عن القَرْضِ، ووَفَّاهُ الثَّمَنَ جَيِّدًا، جَازَ. قال: ولو أَقْرَضَ رَجُلًا دَرَاهِمَ، وقال: إذا مِتُّ فأنْتَ فى حِلٍّ. كانت وَصِيَّةً. وإن قال: إن مِتُّ فأَنْتَ فى حِلٍّ. لم يَصِحَّ؛ وذلك لأنَّ هذا إبْرَاءٌ مُعَلَّقٌ على شَرْطٍ، ولا يَصِحُّ تَعْلِيقُه على الشُّرُوطِ، والأَوَّلُ وَصِيَّةٌ؛ لأنَّه عَلَّقَ ذلك على مَوْتِ نَفْسِه، والوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ. قال: ولو أقْرَضَهُ تِسْعِينَ دِينَارًا بمائة عَدَدًا والوَزْنُ واحِدٌ، وكانت لا تَنْفَقُ فى مَكانٍ إلَّا بالوَزْنِ، جَازَ. وإن كانت تَنْفَقُ بِرُءُوسِها، فلا؛ وذلك لأنَّها إذا كانت تَنْفَقُ فى مكانٍ بِرُءُوسِها، كان ذلك زِيَادَةً، لأنَّ التِّسْعِينَ من المائةِ تَقُومُ مَقامَ التِّسْعِين التى أقْرَضَهُ إيَّاهَا، ويَسْتَفْضِلُ عَشَرَةً، ولا يجوزُ اشْتِرَاطُ الزِّيَادَةِ، وإذا كانت لا تَنْفَقُ إلَّا بالوَزْنِ، فلا زِيَادَةَ فيها وإن كَثُرَ عَدَدُها. قال: ولو قال: اقْتَرِضْ لى من فُلَانٍ مائةً، ولك عَشَرةٌ. فلا بَأْسَ، ولو قال: اكْفُلْ عَنِّى ولك أَلْفٌ. لم يَجُزْ؛ وذلك لأنَّ قولَه: اقْتَرِضْ لى ولك عَشرَةٌ. جُعَالَة على فِعْلٍ مُبَاحٍ، فجازَتْ؛ كما لو قال: ابْنِ لى هذا الحَائِطَ ولك عَشرَةٌ. وأمَّا الكَفَالَةُ، فإنَّ الكَفِيلَ يَلْزَمُه الدَّيْنُ، فإذا أَدَّاهُ وَجَبَ له على المَكْفُولِ عنه، فصَارَ كالقَرْضِ، فإذا أخَذَ عِوَضًا صارَ القَرْضُ جَارًّا لِلْمَنْفَعَةِ، فلم يَجُزْ.

فصل: قد ذَكَرْنَا أنَّ المُسْتَقْرِضَ يَرُدُّ الْمِثْلَ فى المِثْلِيَّاتِ، سواءٌ رَخُصَ سِعْرُه أو غَلَا، أو كان بحالِه. ولو كان ما أَقْرَضَهُ مَوْجُودًا بِعَيْنِه، فرَدَّهُ مِن غير عَيْبٍ يَحْدُثُ فيه، لَزِمَ قَبُولُه، سواءٌ تَغَيَّرَ سِعْرُه أو لم يَتَغَيَّرْ. وإن حَدَثَ به عَيْبٌ، لم يَلْزَمْهُ قَبُولُه. وإن كان القَرْضُ فُلُوسًا أو مُكَسَّرَةً، فحَرَّمَها السُّلْطانُ، وتُرِكَتِ المُعَامَلَةُ بها، كان لِلْمُقْرِضِ قِيمَتُها، ولم يَلْزَمْهُ قَبُولُها، سواءٌ كانت قَائِمَةً فى يَدِه أو اسْتَهْلَكَها؛ لأنَّها تَعَيَّبَتْ فى مِلْكِه. نَصَّ عليه أحمدُ فى الدَّرَاهِمِ المُكَسَّرَةِ، وقال: يُقَوِّمُها كم تُسَاوِى

<<  <  ج: ص:  >  >>