للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أرادَ أنِّى كنت طلَّقْتُك أمسِ. فكذَّبَتْه، لَزِمَتْه الطّلقةُ، وعليها العِدَّةُ من يومِها؛ لأنَّها اعْترَفتْ أَنَّ أمسِ لم يكُنْ مِن عِدَّتِها. وإن ماتَ ولم يُبَيِّنْ مرادَه، فعلى وَجْهيْنِ؛ بِناءً على اخْتلافِ القَوْلينِ فى المُطَلقِ، إن قُلْنا: لا يَقعُ به شىءٌ. لم يَلْزَمْه ههُنا شىءٌ. وإن قُلْنا بوُقوعِه ثَمَّ، وقَعَ ههُنا.

فصل: وإن قال لزوجتهِ: أنتِ طالقٌ قبلَ قُدومِ زيد بشهر. فقَدِمَ بعدَ شهرٍ وجُزْءٍ يقَعُ الطّلاقُ فيه، تَبَيَّنا أنّ طلاقَه وقعَ قبلَ الشَّهرِ؛ لأنَّه إيقاعٌ للطَّلاقِ بعدَ عَقْدِه. وبهذا قال الشّافعىُّ، وزُفرٌ. وقال أبو حنيفةَ وصاحباه: يَقعُ الطّلاقُ عندَ قُدومِ زيدٍ؛ لأنَّه جعل الشَّهرَ شرطًا لوُقوعِ الطَّلاقِ، فلا يَسْبِقُ الطَّلاقُ شرطَه. ولَنا، أنَّه أوْقعَ الطَّلاقَ فى زمن على صِفَةٍ، فإذا حَصَلَتِ الصِّفةُ وقعَ فيه، كما لو قال: أنتِ طالقٌ قبلَ رمضانَ بشهرٍ، أو قبلَ موتِك بشهرٍ. فإنَّ أبا حنيفةَ خاصَّةً يُسَلِّمُ ذلك، ولا يُسَلِّمُ أنَّه جعلَ الشَّهرَ شَرْطًا، وليس فيه حرفُ شرطٍ. وإن قَدِمَ قبلَ مُضِى شهرٍ، لم يَقَعْ، بغيرِ اختلافٍ بينَ أصحابِنا. وهو قولُ أكثرِ أصحابِ الشّافعىِّ؛ لأنَّه تَعْليقٌ للطَّلاقِ على صِفَةٍ كان وجودُها مُمْكِنًا، فوجبَ اعتبارُها. وإن قَدِمَ زيدٌ مع مُضِىِّ الشَّهرِ، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّه لابُدَّ مِن جُزْءٍ يَقَعُ الطَّلاقُ فيه. فإن خالَعَها بعدَ تعْليقِ طلاقِها بيومٍ، ثم قَدِمَ زيدٌ بعدَ الخُلْعِ بشهرٍ وساعةٍ، تَبَيَّنَّا أن الخُلْعَ وقعَ صحيحًا، ولم يَقَعِ الطَّلاقُ؛ لأنَّه صادفَها بائنًا. وإن قَدِمَ بعدَ عقدِ (٢٦) الصِّفَةِ بشَهْر وساعةٍ، وقعَ الطَّلاقُ، وبَطَلَ الخُلْعُ، ولها الرُّجوعُ بالعِوَض، إلَّا أن يكونَ الطَّلاقُ رجعِيًّا؛ لأنَّ الرَّجْعِيّةَ يَصِحُّ خُلْعُها. وإن كانت بحالِها، فماتَ أحدُهما بعدَ عَقْدِ الصِّفَةِ بيومٍ، ثم قَدِمَ زيدٌ بعدَ شهرٍ وساعةٍ من حينِ عَقْدِ الصِّفةِ، لم يَرِثْ أحدُهما الآخَرَ؛ لأنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الطَّلاقَ كان قد وقعَ قبلَ موتِ المَيِّتِ منهما، فلم يَرِثْه صاحبُه، إلَّا أن يكونَ الطَّلاقُ رَجْعِيًّا، فإنَّه لا يَقْطَعُ التَّوارُثَ، ما دامت فى العِدَّةِ. فإن قَدِمَ بعدَ الموتِ بشَهْرٍ وساعةٍ، تَبَيَّنَّا أَنَّ الفُرقةَ وقعَتْ بالموتِ، ولم يَقَعْ


(٢٦) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>