للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى البحْرِ، كالسَّمكِ وشِبْهِه؛ لأنَّه لا يتَمَكَّنُ من تَذْكِيَتهِ؛ لأنَّه لا يُذْبَحُ إلَّا بعدَ إخْراجِه من الماءِ، وإذا خرَجَ ماتَ.

فصل: فأمَّا ما لا يعيشُ إلَّا فى الماءِ، كالسَّمَكِ وشِبْهِهِ، فإنَّه يُباحُ بغيرِ ذَكاةٍ. لا نعلمُ فى هذا خِلافًا، لما ذكْرنا من الأخبارِ. وقد رُوِىَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتانِ ودَمَانِ، أمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالسَّمَكُ والْجَرَادُ" (٨). وقد صَحَّ أَنَّ أبا عُبَيْدَةَ وأصحابَه وَجَدُوا على ساحلِ البحرِ دَابَّةً، يُقال لها العَنْبَرُ، مَيِّتةً، فأَكَلُوا منها شَهْرًا حتى سَمِنُوا، وادَّهنُوا، فلَّما قَدِمُوا على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبَرُوه، فقال: "هُوَ رِزْقٌ أخْرَجَهُ اللَّه لَكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَىْءٌ تُطْعِمُوَنا". متَّفَقٌ عليه (٩).

فصل: وكُلُّ صَيْدِ البَحْرِ مُباحٌ، إلَّا الضِّفْدَعَ. وهذا قولُ الشافِعِىِّ. وقال الشَّعْبِىّ: لو أكلَ أهْلى الضَّفادِعَ لأطعَمْتُهم. ورُوِىَ عن أبى بكرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أَنَّه قال (١٠): كلُّ ما فى البحرِ قد ذَكَّاه اللَّه لكم. وعُمومُ قولِه تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} (١١). يَدُل على إباحَةِ جميعِ صَيْدِه. ورَوَى عَطاءٌ، وعمرُو بن دينار، أنَّهما بَلَغَهُما عن النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "إِنَّ اللَّه ذبَحَ كُلَّ شَىْء فِى الْبَحْرِ لِابْنِ آدَمَ". فَأمَّا الضِّفْدَعُ، فإنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن قَتْلِه. رَوَاه النَّسائِىُّ (١٢). فيدُلُّ ذلك على


(٨) تقدم تخريجه، فى صفحة ٢٩٨.
(٩) أخرجه البخارى، فى: باب غزوة سيف البحر، من كتاب المغازى، وفى: باب قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ}، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخارى ٥/ ٢١١، ٢١٢، ٧/ ١١٦. ومسلم، فى: باب إباحة ميتات البحر، من كتاب الصيد والذبائح. صحيح مسلم ٣/ ١٥٣٥، ١٥٣٦.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى دواب البحر، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣٢٧. والنسائى، فى: باب ميتة البحر، من كتاب الصيد والذبائح. المجتبى ٧/ ١٨٤، ١٨٥. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٣١١. والبيهقى، فى: باب الحيتان وميتة البحر، وباب ما لفظ البحر وطفا من ميتة، من كتاب الصيد والذبائح. السنن الكبرى ٩/ ٢٥١، ٢٥٣.
(١٠) فى ب، م زيادة: "فى".
(١١) سورة المائدة ٩٦.
(١٢) فى: باب الضفدع، من كتاب الصيد والذبائح. المجتبى ٧/ ١٨٥.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الأدوية المكروهة، من كتاب الطب. سنن أبى داود ٢/ ٣٣٤ وابن ماجه، فى: =

<<  <  ج: ص:  >  >>